«إذا وقعنا ما حدا بيشيلنا»، عبارة يردّدها أكثر من سياسي لبناني زاروا واشنطن أخيراً، تعليقاً على سؤال: ماذا بعد الفراغ النيابي؟في الولايات المتحدة، سمِع مسؤولون لبنانيون زاروها أخيراً كلاماً واضحاً، مفاده أن «أميركا لن تفعل شيئاً حيال الأزمة اللبنانية سوى تقديم النصيحة بعدم السماح بحصول فراغ في المجلس النيابي، أما إن كنتم تريدون الانتحار فهذه مشكلتكم»! واشنطن، بحسب هؤلاء، «غير مهتمة كيف تجري الانتخابات، ولا القانون الذي تجري على أساسه، ولا حتى شكل النظام القادم».

جلّ ما يهمّها هو الوضع النقدي والمالي الذي يرى الأميركيون أنه «سيئ جداً، وسيكون أسوأ في حال وقوع الفراغ»، والاستقرار الأمني الذي تعتقد «الإدارة» أنه سيكون محمياً بجهود الجيش اللبناني والقوى الأمنية.
بعيداً من الكلام السياسي والدبلوماسي، وكثرة الملاحظات الدولية بشأن الوضعين الاقتصادي والمالي في لبنان، يلفت زوار واشنطن إلى عوامل قد يكون الفرقاء المعنيون غير متنبهين لها ولانعكاسها على الحركة المالية في البلد، حتى لو لم يُكتب للمجلس الفراغ يوماً واحداً، وأهمها «خطّة الرئيس دونالد ترامب لتقليص المساعدات التي تقدّمها بلاده إلى الدول النامية، ومنها لبنان، بنسبة 27 في المئة». هذا القرار، لا يدخل ضمن العقوبات التي ستشمل مسؤولين في حزب الله، بل هو يطاول كل الدول التي تتلقّى مساعدات أميركية.
المُشكلة الأكبر، بحسب المصادر اللبنانية، هي في حال «ذهابنا إلى الانتحار» كما يقول الأميركيون. في خلال وجود وفود لبنانية في الولايات المتحدة، اشتكت شخصيات أميركية من «الصعوبات التي واجهت البنك الدولي في التعامل مع الحكومة اللبنانية ومن التعطيل الذي عانته السلطات التشريعية والتنفيذية بسبب فترة الفراغ الرئاسي». ورأت أنَّ هذه الصعوبات «حالت في أحيان كثيرة دون تقديم المساعدات والهبات». وهذه الشكوى جاءت رداً على مطالبة الزوار اللبنانيين «بتفعيل المساعدات الأميركية جراء أعباء اللجوء السوري». تقول المصادر إنَّ «تلميحات أميركية سمعتها الوفود اللبنانية بإمكان تراجع مساعدات الولايات المتحدة للبنان حصراً إذا ما وقع الفراغ في المجلس النيابي»، خصوصاً أن «الجانب الأميركي شدّد على ضرورة قيام البرلمان بالرقابة والمحاسبة ومحاربة الفساد ومعرفة أين وكيف تذهب أموال المساعدات الدولية، فإذا لم يكُن هناك برلمان فمن سيقوم بهذه الرقابة». وأشارت إلى «احتمال توقّف المساعدات التي تصل إلى الأونروا واللاجئين الفلسطينيين، والقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان». وحده «دعم المؤسسات العسكرية والأميركية سيكون بمنأى عن قرار كهذا» على ما تنقل المصادر عن الجانب الأميركي.
وفي ملف النازحين السوريين الذين اقترح البنك الدولي «فتح سوق العمل أمامهم ليُسهموا في نمو الاقتصاد»، علماً أنه أكثر الملفات التي تشكّل عبئاً على الاقتصاد اللبناني، أشارت المصادر إلى أنَّ «المساعدات التي تقدمها أميركا إلى جمعيات غير حكومية تعمل في مجال إغاثتهم ستتراجع»، وهذه المعلومات يتداول بها، بالتزامن مع «وثيقة صدرت عن اتحاد جمعيات يقدم دعماً مالياً لأكثر من 14 ألف عائلة سورية، تؤكّد أن المساعدات النقدية للاجئين السوريين ستتوقف نهاية الشهر الجاري، بسبب النقص في الأموال التي تقدمها الدول الغربية، وتقدر بقيمة 60 مليون دولار، على أن يستمر الاتحاد بتقديم المساعدات العينية الأخرى»!