لم يمرّ يوم الخميس المنصرم، الذي حدّدته «الهيئة العليا للإغاثة» لتوزيع المساعدات على مزارعي التفاح، على خير، بل تحوّل إلى يوم احتجاج طويل على «الدولة» المُتهمة باعتزال مسؤولياتها تجاههم، بعد أن وقفوا ساعات في الطوابير أمام المراكز المُحدّدة لتسلّم الشيكات، ليفاجأوا بعدها بأن المبالغ التي حُرِّرت لهم «استنسابيّة»، لا تتوافق مع حجم محاصيلهم، ولا تعوّض شيئاً من حجم الخسائر التي تكبّدوها نتيجة تلفها.
يوم الأربعاء الماضي، أعلنت «الهيئة العليا للإغاثة» إمكانيّة توجّه مزارعي التفّاح، في اليوم التالي، إلى المراكز الإقليميّة التي حدّدتها، (مركزان لعكار، وواحد لكسروان وآخر للمتن)، لتسلّم شيكات المساعدات المخصّصة لهم وفقاً للكشف الميداني الذي أجرته فرق المسح التابعة للجيش اللبناني، وذلك بعد أن صرف وزير الماليّة علي حسن خليل دفعة أولى من المساعدات والبالغة 20 مليار ليرة لبنانيّة من أصل 40 ملياراً أقرّها مجلس الوزراء.

المزارعون الذين أتلفت محاصيلهم في خلال الصيف الماضي، نتيجة الفشل في تصريفها وعجز الدولة عن إيجاد الحلول، رأوا أن «التعويضات الزهيدة التي حصلوا عليها استمرار لمسار إذلالهم وإفقارهم»، فهم وعدوا بداية «بتقاضي 5 آلاف ليرة عن كلّ صندوق، قبل أن يحسم 25% من المبلغ فوصل إلى 3750 ليرة عن كلّ صندوق، على أن يدفع على مرحلتين بالتساوي، ليتقاضوا في المرحلة الأولى بدلاً من 1800 ليرة عن كلّ صندوق، مبلغاً يراوح بين 600 و1000 ليرة لكلّ صندوق»، فيما رفض آخرون تسلّم الشيكات «حفاظاً على ما بقي من كرامة».
يشير رئيس جمعيّة المزارعين اللبنانيين أنطوان الحويك إلى أن «للاحتجاجات شقّين: الأوّل يتمثّل بتحويل الشيكات إلى فصائل قوى الأمن الداخلي بدلاً من البلديات، ما حمّل كلّ مركز عبء استقبال نحو 3000 مزارع في يوم واحد، وهو ما شكّل ذلاً للمزارعين.

تقزّم التعويض
إلى ما بين 600 و1000 ليرة لكلّ صندوق


والثاني بعد أن تقاضوا مبالغ أقل من تلك التي يحقّ لهم بها».
بحسب التقرير النهائي الصادر عن «الجيش اللبناني»، قُدِّر عدد صناديق التفاح بنحو 10 ملايين و600 ألف صندوق، لنحو 23 ألف مزارع، وذلك بعد أن كانت الحكومة قد رصدت لها 40 مليار ليرة لبنانيّة، وهو ما حتّم خفض تعويض الصندوق من 5 آلاف ليرة إلى 3750 ليرة.
يقول الحويك إن «الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء الركن محمد خير، رفض تسليم التقرير المذكور، للتأكّد من صحّة المبالغ التي تقاضوها، والتدقيق فيها» مشيراً إلى أن «على القضاء التحرّك ووضع يده على ملف التعويضات، خصوصاً أن لا سلطة رقابيّة على عمل الهيئة، وذلك للتأكّد من الأرقام، وإلزامها بالكشف عن التقرير، إحقاقاً للشفافية. وعلى الحكومة أيضاً تحمّل مسؤولياتها، خصوصاً أن هذه التعويضات ليست منّة من أحد، بل حقّ مكتسب للمزارعين، نتيجة تمنّع الدولة منذ سنوات عن تنفيذ المشاريع الإنقاذيّة التي طرحت لمساعدة المزارعين والنهوض بالقطاع، بدءاً من إنشاء غرف زراعية ومصرف للإنماء الزراعيّ، وصولاً إلى حماية الإنتاج من الإغراق وتبني اقتراحات التصدير».
يرفض اللواء الركن محمد خير الاتهامات الموجّهة إلى «الهيئة العليا للإغاثة» بانعدام الشفافيّة، مشيراً إلى أنه جرى «توزيع المبالغ بحسب ما تشير المسوح التي أجراها الجيش اللبناني، وعلى المعترضين التوجّه إلى ثكنة عين الرمانة بخلال أسبوعين للمراجعة أو تسلّم نسخة عن المسوح»، ويضيف خير: «كل مزارع له أن يخمّن عدد الصنايق التي تدرّها عليه أشجار التفاح في أرضه، إلّا أن للجيش تقديرات مختلفة، وتالياً المشكلة ليست عندنا، باعتبارنا صندوق دفع، ننفّذ ما أقرّته الحكومة اللبنانيّة وما صرّفته وزارة الماليّة بناءً على مسوح أجرتها لجان في الجيش اللبناني». أمّا عن الاعتراضات حول كيفيّة توزيع المساعدات، فيردّ خير: «هم لا يريدون الوقوف في الصفّ، بدن نقعّدهم ونضيّفهم قهوة؟ إمكاناتنا محدّدة، ولا يمكننا إرسال الشيكات لكلّ بلدة من البلدات، لذلك اخترنا مراكز محدّدة تكون همزة وصل بين بلدات عدّة، علماً أنهم سيتسلمون الدفعة الثانية في خلال شهر بحسب ما أكّد لنا وزير المالية».