يبدو شهر أيار ضاغطاً بتواريخ استحقاقاته، ليس في السياسة فحسب، بل في الاقتصاد كذلك. منذ يومين أقفل باب استدراج العروض "للخطة الإنقاذية لقطاع الكهرباء" التي طرحها وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل في مجلس الوزراء قبل نحو شهر.
خطة وعدت اللبنانيين بنحو 7 ساعات إضافية من التغذية بالطاقة الكهربائية، يبدو أنها حالياً في مهب الريح.
تفيد مصادر مطلعة أن نحو ثماني شركات تقدمت بعروض للمناقصة المنوي إجراؤها، والتي من المنتظر أن يتم عرضها على مجلس الوزراء في وقت قريب. المشكلة المرجحة للتفاقم اليوم هي الفترة التي سيتسغرقها البحث قبل البتّ بالعروض في ظلّ دخول موسم الصيف وارتفاع درجات الحرارة، وبالتالي زيادة الاستهلاك على الطاقة الذي من المتوقع أن يصل إلى مستويات قياسية هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة، بحسب خبراء، ما ينذر بأزمة حقيقية أكثر من سابقاتها.
تبدو شركة "كارادينيز" التركية المشغلة للباخرتين الحاليتين الأوفر حظاً بالفوز بالمناقصة نظراً إلى استيفائها الشروط التي وضعتها الوزارة، ومقارنة بالكلفة الإجمالية التي طرحتها، ومع ذلك تؤكد مصادر مطلعة أن الكلام الذي قيل عن أن هناك باخرة "غب الطلب" كانت متوجهة إلى لبنان سلفاً، ليس صحيحاً بدليل أن الباخرة المذكورة عبرت البحر المتوسط في طريقها إلى إندونيسيا.
تختلف التقنيات المتبعة في إنتاج الطاقة في العروض التي تقدمت بها الشركات، وبالتالي لا يمكن المقارنة بين أسعار الإنتاج بالفيول أويل والغاز المسال أو الغاز المنزلي. كما لا يمكن المقارنة بين أكلاف صيانة وتشغيل البواخر وأكلاف صيانة وتشغيل المصانع. ما تردّد عن أن كلفة البواخر في لبنان هي أعلى من تلك التي تتقاضاها الشركة التركية في كل من إندونيسيا وغانا، لم يتم توثيقه بأدلة، بل إن متابعين يؤكدون أن كلفة إنتاج الكهرباء في معملي دير عمار والزهراني هي كلفة مشابهة للتي تدفعها الدولة على استجرار الكهرباء من البواخر. أما فكرة استجرار نحو 100 ميغاوات من سوريا والتي تم طرحها، فتظهر بأن كلفتها (16 سنتاً على كيلو وات/ساعة) أعلى من كلفة البواخر بـ4 سنتات.
يظهر جلياً انعكاس الاشتباك السياسي المتزايد في البلد على موضوع الكهرباء. تاريخ 25 أيار الجاري سيكون مفصلياً في هذا الإطار. إذا انقضى هذا التاريخ من دون البتّ بموضوع الخطة، فإن اللبنانيين لن يحصلوا على زيادة في التيار الكهربائي هذا الصيف، باعتبار أن المدة التي تتطلبها جهوزية باخرة الإنتاج أو إعداد معمل ستكون أكثر من شهر ونصف، ما يعني أننا أمام صيف مرشح كي يكون ساخناً، خاصة إن علمنا أن معامل الذوق ودير العمار والزهراني ستخضع لمراحل إعادة تأهيل بعد فصل الصيف الحالي، ما يؤشر إلى زيادة إضافية في ساعات التقنين. فهل يتخذ مجلس الوزراء قراراً سريعاً أم سيسلك الملف طريقه إلى الأدراج المنسية؟
(الأخبار)