سجّلت جمعية المستهلك ارتفاعاً في أسعار الفصل الأول من عام 2017 بنسبة 3.13%. الارتفاع مصدره محفّزات مالية وتجارية بدأت تظهر ابتداء من الفصل الرابع من عام 2016 حين كان مصرف لبنان ينفّذ هندسات مالية، أدت في تلك الفترة إلى تقديم "هدايا" للمصارف (أرباح متكررة واستثنائية) بقيمة تصل إلى 8 مليارات دولار، أما في الفصل الأول من 2017، فإن التجّار استغلّوا مناقشات المجلس النيابي بشأن سلسلة الرتب والرواتب والضرائب لرفع الأسعار.
يشير تقرير لجمعية المستهلك إلى أن التطورات المالية والسياسية في الأشهر الأخيرة تعدّ مؤشراً أساسياً على حجم التشوّه البنيوي للاقتصاد اللبناني وحجم المخاطر واتساع رقعة الفقر. ويضيف التقرير أن المصارف حصلت على "5.6 مليار دولار من الأرباح الاستثنائية، علماً بأن بعض الخبراء يتحدث عن 8 مليارات دولار، وهي عبارة عن هدايا صافية تساقطت عليها من سماء السياسة". كذلك، أظهرت هذه الفترة أن التجار "ركضوا لرفع أسعار السلع المخزنة بذريعة أن نواب الأمة ناقشوا، وهو مجرد نقاش لم يؤدّ إلى أي نتيجة، احتمال رفع ضريبة القيمة المضافة بنسبة 1%". تقول الجمعية: "إنه مشهد مقزز يثير حفيظة معظم اللبنانيين الذين يزدادون فقراً وبطالة وانخفاضاً لقدرتهم الشرائية ويأساً وهجرة".

ارتفاع الأسعار لا علاقة له بأي تطور اقتصادي خارجي أو داخلي




في ظلّ هذا الوضع، سجّل مؤشر جمعية المستهلك، الذي يطال 145 سلعة وخدمة تستهلكها الأسر المقيمة في لبنان، ارتفاعاً في أسعار الفصل الأول لعام 2017 بلغ 3.13% مقارنة مع الفصل الرابع 2016. الجمعية تقول إن هذا الارتفاع جاء مدفوعاً بضخّ الأموال الناتجة عن الهندسات المالية. "كمية الأموال التي ضخت دفعة واحدة في الاقتصاد اللبناني الهشّ ستؤدّي حتماً إلى تضخم وارتفاع كبير في الأسعار خلال الأشهر التالية" وفق الجمعية. وبالفعل، ما حصل لاحقاً هو أن الأسعار ارتفعت. وحدهم المستهلكون من دفع هذه الكلفة الباهظة التي "ستؤدي إلى تدهور خطير في قدراتهم الشرائية، أي سيزدادون فقراً. أما هجمة التجار فهي طالت السلع الغذائية التي لا تخضع للضريبة المضافة". اللافت أن سلسلة الرواتب "سقطت فيما تكرّست نتائج هذين الحدثين (الهندسات والنقاشات بشأن السلسلة والضرائب) ارتفاعاً في أسعار السلع والخدمات الأساسية التي ارتفعت بشكل فجائي كبير. وللمقارنة فإن الاشهر التسعة السابقة لهذين الحدثين، كانت تشهد تراجعاً ملحوظاً في الأسعار.
وتستنج الجمعية: "نحن أمام ارتفاع خطير في الأسعار لا علاقة له بأيّ تطور اقتصادي خارجي أو داخلي. سببه سياسات منظمة تشترك فيها الفئة الحاكمة مع القطاع المالي والتجاري. لذا يحتاج الاقتصاد اللبناني إلى مراجعة شاملة تعتمد تنشيط كل القطاعات والمنتجة منها بشكل خاص (زراعة، صناعة، تكنولوجيا وأبحاث) إلى جانب قطاعي المصارف والتجارة. ويحتاج لبنان إلى قانون للمنافسة والحدّ من الاحتكارات الممنوع من الصدور منذ أكثر من 12 سنة. هل ستقوم أحزاب الطوائف بهذه المراجعة؟".
(الأخبار)