لا يبدو مرشح القوات اللبنانية، المهندس نبيل أبو جودة، معارضاً للنموذج الاقتصادي- الاجتماعي القائم. فهو لا يرى نموذج "سوليدير" في الإعمار سيئاً بالمطلق، وبالتالي لا بأس من تعميم النتائج "الإيجابية" لهذا النموذج. ويرى أن المالك هو المظلوم في الإيجارات القديمة، وأن من حقه الاستفادة من أراضه بعد هذا الظلم.
ولا يجد حرجاً بالدعوة إلى التخلص من "الكثير من البيوت المتواضعة" في منطقة كرم الزيتون، متسائلاً "هل من مصلحتنا الإبقاء على هذه البيوت في مدخل بيروت الشرقي؟ بالطبع لا"، يجزم. يقول إن المهندسين يشكلون 1.5% من السكان و3% من القوى العاملة، ومن حقهم الحصول على 3% من الوظائف! كيف؟ عبر المطالبة بتوظيف 9 آلاف مهندس في الدولة!
فيما يلي المقابلة:

■ من يدعم ترشيحكم؟
هناك أفرقاء سياسيون يدعمون ترشيحنا، سيُعلن عنهم في الوقت المناسب.
■ تقولون في برنامجكم إنكم ساعون كي تلعب النقابة دوراً فاعلاً على الصعيد المؤسساتي، وإنكم ترغبون في تغيير "الأنظمة والقوانين". فما هو رأيكم بقانون البناء الحالي؟
بداية، أقصد بالقوانين والأنظمة التي سأعمل على تغييرها، هي تلك المتعلقة بتنظيم مهنة الهندسة في لبنان، ذلك أن قانون تنظيم المهنة مرّ عليه نحو عشرون عاماً. وقتها، كان عدد المهندسين نحو 20 ألف مهندس. اليوم هناك نحو 50 ألف مهندس، وبالتالي تغيّر الجسم الهندسي وآن الأوان لأن نعيد النظر فيه ونعدّله بشكل يتناسق والجسم الحالي. وهناك النظام الداخلي الذي يتوجب تعديله. هذا على صعيد النقابة. على الصعيد الوطني، سنعمد إلى تغيير قانون البناء. أعتقد أن الأخير يجب أن يصدر عن النقابة. من يعرف بقطاع البناء أكثر من المهندسين؟ النقابة يجب أن تكون صلة الوصل بين المعنيين في هذا القطاع. أعتقد أن القانون الحالي لا يحمي الهوية المعمارية اللبنانية، ولا يُشجّع على العمارة اللبنانية التقليدية.

■ ما هو موقفكم من نموذج إعمار «سوليدير» في إعمار وسط بيروت؟
برأيي، تجربة "سوليدير" لديها حسناتها وسيئاتها. لا يستطيع الفرد أن يبقى على معارضة هذه التجربة بالمُطلق. بالطبع كان من الممكن أن تكون أفضل، وكان ممكناً أن تُبقي على عدد من الأبنية القديمة وتبقى هذه الأبنية لمالكيها القُدامى مع المحافظة على المُخطّط التوجيهي. في النهاية، حصلنا على وسط تجاري متطوّر وحديث. العمارة في هذه التجربة تُصنّف في الحدّ الأدنى مقبولة. البنى التحتية جيّدة، وعمرها طويل. في حال كانت التجربة معممة في بقية المناطق من الناحية الإيجابية للتجربة، فهذا أمر جيد بالنسبة لي. برأيي، ليس بالأمر الخاطئ أن يكون لكلّ منطقة الهوية الخاصة بها والنظام الخاص بها.

■ ما هو موقفكم من قانون الإيجارات الجديد؟ وما هو رأيكم في قضية الحق في السكن؟
من الطبيعي أن يحق لكل فرد العيش في بيروت، لكن أودّ الإشارة إلى أنه في البلدان المتطورة أو تلك الأقل تطوراً، دائماً ما تكون أسعار الشقق في المدينة أغلى، ودائماً ما يترك السكان مدينتهم تدريجياً. ومن الطبيعي برأيي أن يكون سعر الشقق في المدينة أغلى. في مناطق معينة في بيروت، أعتقد أن صيغة الإيجارات القديمة ظالمة بحق مالكي الأبنية المؤجرة القديمة. ليس مقبولاً أن يكون سعر إيجار شقة في بيروت 20 ألف ليرة فقط. هذه مسؤولية الدولة. أنا أرى أن المظلوم هو المالك أكثر من المُستأجر القديم. وفي نفس الوقت، ليس مقبولاً أن يُشرّد المُستأجرون. على الدولة أن تلعب دورها في هذا المجال.

تجربة «سوليدير» لديها
حسناتها وسيئاتها وحصلنا على وسط تجاري متطوّر وحديث
لماذا تفرغ بيروت؟ أعتقد أن الناس حريصون على عدم إفراغ المدينة، ومنهم الكثير من المتمولين. أعتقد أن هؤلاء الحريصين يمكنهم إبقاء فئة معينة من الناس عبر بناء مجمعات سكنية ولعب دور في هذه القضية. أريد أن أعطيك مثالاً من وجهة نظري. في منطقة كرم الزيتون، هناك الكثير من المُستأجرين القُدامى وهناك الكثير من البيوت المتواضعة. هل من مصلحتنا الإبقاء على هذه البيوت في مدخل بيروت الشرقي؟ بالطبع لا. ومن حق المالكين الاستفادة من أراضيهم بعد هذا الظلم، لذلك يجب على الجهات المعنية أن تتحمّل مسؤولية. برأيي النقابة تستطيع أن تضغط على الدولة. نحن 50 ألف مهندس مُثقف ونخبوي، إن لم تسمع لنا الدولة فلمن ستسمع؟

■ هناك شبهات فساد في مسألة التقديمات الاجتماعية والخدمات الاستشفائية للمهندسين. ما رأيكم؟
أعتقد أن نقابة المُهندسين بعيدة عن الفساد الذي يضرب بقية القطاعات في لبنان. ولكن أعتقد أنه من حق المهندسيين أن يكونوا على اطلاع على الصفقات والمناقصات كافة التي تُجريها النقابة، لذلك لحظت في البرنامج أن تكون جميع مراحل المناقصات خلال جلسات علنية، بدءاً بعملية وضع دفاتر الشروط وصولاً إلى خواتيم تلزيم الشركات. وأعتقد أنه من حق المهندسين الاعتراض على أي تفصيل يتعلق بهذه العملية بعد إطلاعهم على مراحلها. لكن أحياناً، لدي مُشكلة مع الاعتراضات غير المبررة. نستطيع أن نجد الفساد في كل مكان، لذلك كلما كانت العملية شفافية وعلنية كلما زالت شبهات الفساد، لذلك سنعمد إلى جعل جميع العمليات التي تحصل في الغرف المغلقة علنية.
■ تطرحون خلق وظائف للمهندسين. ألا يتطلب ذلك تغيير البنية الاقتصادية؟
الحلّ برأينا يتعلّق بالقوانين. والحل الذي سنسعى له غير قابل للتطبيق خلال سنتين فقط. النقابة لا تملك الإمكانيات الكافية حالياً لتخلق وظائف جديدة. أي قوانين؟ مثلاً قانون الصيدلة الزراعية الذي لا يزال قابعاً في أدراج المجلس النيابي منذ سنوات طويلة. مثلاً هذا القانون الذي يُجبر القيمين على القطاع الزراعي أن يوظفوا مهندسين زراعيين من شأنه أن يخلق نحو ألف فرصة عمل للمهندسين الزراعين. هذه المسألة يعارضها بشدة بعض التجّار الذين ليس من مصلحتهم أن يكون هناك أشخاص يراقبون عملهم. وهنا أعود إلى مسألة انتمائي الحزبي كنقطة تمكّن النقابة من لعب دور فاعل. مثلاً الحزب لديه ثمانية نواب، سأعمد إلى تحميلهم مسؤولية المشاريع المُقترحة من أجل النهوض بالنقابة. مثلاً في قطاع المصارف، وهو القطاع الأكثر ربحاً حالياً، لا يتجاوز عدد المهندسين الموظفين العشرة أشخاص في كل مصرف في الوقت الذي يستثمر المصرف في قطاعات البناء والزراعة والصناعة. لماذا لا يتم فرض «كوتا» معينة للمهندسين؟
نحن اليوم في لبنان 50 ألف مهندس، بعد ست سنوات، سوف نصبح نحو 80 ألفاً، ذلك أن هناك نحو 30 ألف مهندس في الجامعات. أي نحن نُشكّل 1.5% من السكان. وإذا أردنا احتساب نسبتنا مقارنة مع القوى العاملة، نحن نشكّل نحو 3% من القوى العاملة، ما يعني من حقنا المطالبة بالحصول على 3% من الوظائف. هناك نحو 300 ألف موظف في الدولة، ما يعني وجوب أن يكون من ضمنهم نحو 9 آلاف مهندس. اليوم يوجد نحو 2500 مهندس فقط. كذلك في بقية القطاعات. مثلاً في المناطق، لماذا يكون رئيس البلدية هو الطرف المُخوّل بإعطاء رخص البناء وليس المهندس المختصّ؟

■ يغيب في برنامجكم الحديث عن قضايا النقل العام والاتصالات وقضم الشواطئ والأملاك العامة البحرية. ألا تعتبرونها أولويات يجب أن يأخذها المهندس في عين الاعتبار كي يلعب دوراً فاعلاً في محيطه الاجتماعي؟
يستطيع الفرد أن يضع الكثير من الشعارات. هناك من يحمل شعارات لأغراض سياسية في الوقت الذي يجب أن تكون من صلب عمل النقابة، كسدّ جنة ومشروع جسر جلّ الديب. عندما أشرت إلى قانون البناء، كنت أقصد جميع هذه القضايا كالأملاك العامة البحرية ومسألة قضم الشواطئ وغيرها. وعلى نقابة المهندسين أن تكون قوة ضاغطة في هذه القضايا. أوافق على الكثير من مطالب المجتمع المدني، ولكن برأيي أنه على نقابة المهندسين أن تترأس المجتمع المدني في حمل هذه القضايا.