وصف الوزير السابق فيصل كرامي كلام رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عن الانتخابات النيابية ورفضه اعتماد النسبية الكاملة بأنه «يعيد استحضار خطاب ما قبل الحرب بين اللبنانيين».
ردّ كرامي على جعجع لا ينبع فقط من اختلاف في الرؤى والخط السياسي بين الرجلين، بل يعود إلى تداعيات حكم المجلس العدلي الذي اتهم جعجع باغتيال الرئيس الأسبق للحكومة رشيد كرامي عام 1987، ومحاولات زعيم القوات مؤخراً التمدد في طرابلس، ونيّته فتح مكتب لحزبه في عاصمة الشمال، رغم ما يثيره ذلك من حساسيات لدى أفندي طرابلس وجمهور واسع من أبناء المدينة.
ففي 48 ساعة أطلق جعجع موقفين سلبيين من اعتماد النسبية التي رأى أنها «في جوهرها ديموقراطية عددية، واتفاق الطائف لم ينص على ذلك».

وظيفة قانون الانتخابات إعادة
دمج الشعب على
غرار دمج الجيش


وسأل كرامي: «هل ينص الدستور على النظام الانتخابي الأكثري؟ أعلم أن الدستور لا يتحدث عن شكل القانون، بل عن روحه، مع التركيز على عدالة التمثيل». واتهم جعجع بأنه «يعيد استحضار خطاب ما قبل الحرب، وما قبل الطائف، بل ويعتبر أن الطائف كرّس النتائج الوخيمة لهذه الحرب التي جعلت الكثير من المناطق اللبنانية ذات لون طائفي أو مذهبي واحد، بفعل التهجير القسري والطوعي». وقال لـ«الأخبار» إن «الكلام عن المناصفة وعن الديمقراطية العددية، كما يراهما جعجع، هو كلام تقسيمي، ويقودنا إلى ما هو أخطر من المؤتمر التأسيسي، الذي يثير الهواجس لدى بعض الفئات. إنه يقودنا إلى إعادة تفسير الدستور، وهي مادة خلافية لا طائل منها، فالدستور واضح، ويكفي أن نطبّقه كما هو».
ورأى كرامي أنه «حين يتحدث جعجع عن مجلس نيابي يقوم على المناصفة، كما جاء في دستور الطائف، فإنه يتجاهل تماماً أن هذا المجلس، وفق الطائف، هو لمرة واحدة فقط، ويتزامن مع إنشاء الهيئة العليا لإلغاء الطائفية السياسية، وإقرار قانون انتخابي خارج القيد الطائفي تماماً، واستحداث مجلس شيوخ تتمثّل فيه الطوائف والمذاهب. ببساطة، إنه استعمال جزئي غير بريء للدستور وتفسير عشوائي لروحه، وتحويل الميثاقية إلى عثرة في طريق إنقاذ الوطن وبناء الدولة العصرية».
ويؤكد كرامي أن «روح الدستور ونصوصه واضحة، وهو حين قال بانتخابات نيابية على أساس المحافظات، بعد إعادة النظر في التقسيمات الإدارية، إنما كان يدعونا إلى كل الإجراءات اللازمة لإعادة دمج اللبنانيين، وليس لتكريس انقساماتهم. وحين قال الدستور بالمناصفة، فإنه أراد إلغاء الهواجس العددية لدى المسيحيين بالدرجة الأولى، وليس جعل هذه الهواجس عقدة أبدية كما يظهر من كلام جعجع».
وخلص كرامي إلى أن «الشيء الوحيد الذي جرى تطبيقه من اتفاق الطائف بشكل حقيقي يتناغم مع النص والروح، هو ما قام به الرئيس إميل لحود يوم كان قائداً للجيش، عندما أقدم على دمج الألوية رغم كل اعتراضات الطبقة السياسية، وبالتالي وصلنا اليوم إلى مؤسسة عسكرية وطنية لا غبار عليها. وظيفة قانون الانتخابات، بعد تحقيق عدالة التمثيل، هي إعادة دمج اللبنانيين، أي إعادة دمج الشعب على غرار دمج الجيش. والمفروض أن نسعى إلى دوائر انتخابية مختلطة، حتى لو اضطررنا إلى جمع منطقتين لا تتواصلان جغرافياً، فنكون بذلك عملنا على إزالة التقسيم الجغرافي الذي فرضته الحرب اللعينة، عبر توحيد المصير بين أبناء الشعب الواحد».