نجحت وساطات الأسبوع الماضي في إقناع «عصبة الأنصار الإسلامية» بالعودة عن قرارها بعدم المشاركة في «القوّة الأمنية المشتركة»، المكلّفة ضبط الأمن في مخيم عين الحلوة. بعد ثلاثة اجتماعات مع استخبارات الجيش ولقاءات مع القيادات اللبنانية، أعلن التنظيم الإسلامي الأكبر في المخيم نهار الجمعة قراره بالمشاركة في «القوة المشتركة» التي اختير الفتحاوي بسام السعد لقيادتها.
وكشفت مصادر أمنية لـ «الأخبار» أنّ «الحلّ وُضِع على السكّة»، مشيرة إلى أنّه «سيبدأ العمل منذ اليوم على انطلاق الخطوات العملانية». وأوضحت أنّ «الاجتماعات التنفيذية ستُعقد من اليوم»، وسيجري «تدقيق أمني في ملفات عناصرها، إذ تشترط استخبارات الجيش أن لا يكون أيٌّ من عناصر القوّة مطلوباً أو عليه ملف أمني». ورأت المصادر أن الوصية الأساس لـ«القوة المشتركة» أن «لا محرمات أمامها، وأنّ لها مطلق الصلاحية على كامل المخيم، وأن تكون فاعلة لجهة قدرتها على تسليم المطلوبين المرتكبين للجيش».
وعلمت «الأخبار» أنَّ البحث اليوم يتركّز على إنشاء مقارّ لهذه القوة، وعلى تحديد المناطق الحساسة التي ستنتشر فيها عناصرها من سنترال البراق إلى حيّ عكبرة وطيطبا بين البركسات والصفصاف والطيري وحطين والراس الأحمر.
مسألة أخرى عدّتها المصادر من العقبات. فقد علمت «الأخبار» أنه في اجتماع مجلس الأمن الفرعي لدى محافظ الجنوب نوقش تفعيل القوة المشتركة، لكن البحث كان عن آلية لحماية عناصرها حرصاً على عدم تعامل باقي الأجهزة الأمنية (الأمن العام وقوى الأمن الداخلي) كمشتبه فيهم حال مشاركتهم في توقيفات أمنية وإطلاق نار داخل المخيم. وذكرت المعلومات أنَّ رئيس فرع استخبارات الجيش في الجنوب العميد خضر حمود، اقترح أن تكون استخبارات الجنوب المرجع في هذه المسألة.
وقد عُقدت سلسلة اجتماعات في بيروت والجنوب بحضور السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور، وشخصيات أمنية وعسكرية. وكان لافتاً إيفاد رئيس مجلس النواب نبيه بري مسؤول الملف الفلسطيني في حركة أمل، عضو المكتب السياسي محمد جباوي، للمشاركة في هذه الاجتماعات. ورأت المصادر الأمنية أنّ هذا يعبّر عن مسعى حقيقي لدى الرئيس بري لإنهاء التوتّرات في المخيمات.
في موازاة ذلك، قال المتحدث باسم «عصبة الأنصار» أبو شريف عقل لـ «الأخبار» إن «هدوءاً مطلقاً يعيشه أهل المخيم، والأمور تسير باتجاه الهدوء والأمن والأمان». وإذ رأى القيادي في العصبة أنَّ «هناك مخططاً يستهدف المخيم عبر افتعال البلبلة الأمنية من عين الحلوة إلى برج البراجنة»، رأى أنَّ المسؤولية تتحملها كل الأطراف. وكشف عن «سلسلة لقاءات عقدناها مع القيادات اللبنانية لمسنا منها كل الحرص على أمن المخيم، فعدلنا عن رأينا وقررنا المشاركة في القوة الأمنية». وعن الأسباب التي كانت تحول دون مشاركتهم، ردّ بأنَّ «العصبة تتحفّط عن إعلانها»، لكنه كشف أنّه حصل من القيادات اللبنانية على طمأنات في صددها. وعمّا أُشيع عن تحفّظ البعض على شخصية قائد القوة المشتركة، قال عقل: «ليس لنا أي اعتراض على شخص سعد، ونتعاون مع الجميع من أجل أمن المخيم والجوار، ونعلم أنه حريص على أهل المخيم». وعن مصير المطلوبين اللبنانيين المختبئين في المخيم، قال إنّ «ملف المطلوبين اللبنانيين هو أحد الملفات التي يجري العمل على حلّها باتجاه إيجاد المخارج التي تكفل الأمن للجميع».
بدوره قال أمين سر فصائل تحالف القوى الفلسطينية وممثل حركة الجهاد الإسلامي أبو عماد الرفاعي، في اتصال مع «الأخبار» إن «الأمور تسير باتجاه ايجابي». ورأى أنَّ «الواجب يقضي بضرورة الإسراع بتشكيل القوة المشتركة لتمارس أعمالها»، مشيراً إلى أنّ المسؤولية تقضي بضرورة أن نخفف الضغط عن المخيم سياسياً وأمنياً، لأن الضغط الأمني يُحدث توتّراً. وكشف أنه «في مرات عدة بدأت مساعٍ للوصول إلى تسوية مع شادي المولوي للخروج من المخيم، وكادت تصل إلى خواتيمها، قبل أن تتعرقل التسوية». ورأى أنَّ «بالهدوء والروية تُحل كل الأمور».
من جهتها، أكدت المصادر الأمنية أن «استخبارات الجيش لن تتعاون مع قوة مشتركة هشّة أو قوّة مشتركة لا تستطيع بسط الأمن»، مشيرة إلى أنّ «الاختبار الأول لهذه القوة سيكون لدى وقوع أي مشكل أمني. عندها سيكون السؤال: هل ستكون فعّالة، وهل ستتعاون مع الجيش؟».