تسلّم النائب العامّ التمييزي القاضي سمير حمّود، الخميس الماضي، كتاباً موجّهاً من وزير العدل سليم جريصاتي، يطلب فيه إجراء التحقيقات اللازمة في ملف الفساد وهدر الأموال العامّة في مرفق "كازينو لبنان" في عهد رئيس مجلس إدارته الحالي حميد كريدي، المُنتهية ولايته منذ عام 2013، والمُمتنع عن عقد جمعيّة عموميّة وتوزيع أنصبة الأرباح والكشف عن الحسابات الماليّة منذ عام 2011.
تأتي هذه الخطوة بالتزامن مع فتح بورصة التعيينات، وبدء التداول بأسماء عونيّة (من ضمنها رولان خوري وإيدي معلوف) كخلف لكريدي. فيما يُعدُّ رئيس مجلس إدارة "كازينو لبنان" أحد وجوه العهد، كونه محسوباً، بالعرف، على موقع رئاسة الجمهوريّة، ليُشكّل كتاب وزير العدل سابقةً في تاريخ هذا المرفق العامّ، بحيث لن تكون عمليّة التسلّم والتسليم، هذه المرّة، مُرفقة ببراءة ذمّة عمّا كان يحصل في الكازينو خلال ولايته، كما درجت العادة إبّان ولايات سابقة تلت عام 1996 مع إعادة افتتاح أبواب الكازينو بعد الحرب، وإنّما بمثابة خطوة متوازية مع انطلاق تحقيقات قضائيّة ترتكز إلى تقارير صادرة عن وزارة الماليّة حول "الوضع المهترئ" الذي وصله "كازينو لبنان"، بما يسمح بتطبيق مبدأ المحاسبة.
استند جريصاتي في كتابه إلى مجموعة من الدعاوى المُقدّمة بحقّ رئيس مجلس إدارة "كازينو لبنان" حميد كريدي (أغلبها قدّمها المحامي وديع عقل ويطلب فيها تعيين حارس قضائي لحماية الأموال العامّة والخاصّة ووقف التدهور الإداري والنزف المالي الذي يصيب الكازينو منذ سنوات, وهذه الدعاوى في مرحلة الإستئناف حالياً)، إضافة إلى تقارير ماليّة صادرة عن لجنة الرقابة على الكازينو، وغيرها من المستندات التي تبيّن وجود أوضاع ماليّة غامضة وشبهات فساد في كيفيّة إدارة هذا المرفق العامّ.

بلغت مخصّصات رئيس وأعضاء مجلس الإدارة نحو ملياري ليرة فيما الكازينو يرزح تحت خسائر



يطلب الكتاب بداية إيضاح الفوارق الماليّة بين مجموعة من التقارير الصادرة عن نتائج أعمال الكازينو، والتي تشير إلى وجود تراكم في الخسائر إمّا نتيجة سوء الإدارة أو الهدر المالي والفساد فيه. بحسب تقرير لجنة الرقابة المُكلّفة من وزارة المالية الصادر في نهاية عام 2015، تراجعت إيرادات "كازينو لبنان" بنسبة 33%، من 155 مليار ليرة إلى 106 مليارات بين عامي 2009 و2014، وتنامت داخل صالاته مهنة المراباة، فيما لم تُطلق مراهنات البينغو والألعاب الرياضيّة التي حصلت عليها الشركة، ما حرم الخزينة من إيرادات هذا الحقّ الحصري. ويقابل تقرير وزارة الماليّة، تقرير ثانٍ صادر عام 2015 عن مفوّض الرقابة في الكازينو، أي شركة "ديلويت أند توش" (المنتهي عقدها منذ عام 2012)، يعزّز فرضيّة غموض الحسابات الماليّة نتيجة التباين في الأرقام، إذ يشير إلى تراجع نتائج أعمال الشركة من 97 مليار ليرة إلى 11 مليار بين عامي 1997 و2015. مع الإشارة إلى أن نتائج تقرير وزارة الماليّة محصورة بأرقام ألعاب القمار، فيما نتائج أرقام "ديلويت أند توش" تشمل أرقام ألعاب القمار وإيرادات الحفلات والمطاعم والتي من المُفترض أن تكون أعلى، عكس ما هو مبيّن.
كذلك، يركّز على ضرورة إجراء تحقيقات حول مخصّصات رئيس وأعضاء مجلس الإدارة الضخمة، في وقت يعاني الكازينو من تراجع في الإيرادات وخسائر سنويّة، (وصلت خسائر الكازينو إلى 86 مليار ليرة بين عامي 1997 و2005). ففي عام 2011 فقط، بلغت مخصّصات الرئيس وأعضاء مجلس الإدارة من الأرباح نحو ملياري ليرة، حصّة كريدي فقط عن أشهر تموز وآب وأيلول تصل إلى نحو 400 مليون ليرة. ويُضاف إلى ذلك، صرف 40.8 مليار ليرة عام 2015، دون العودة إلى الجمعيّة العموميّة، فيما رأسمال الشركة يبلغ نحو 32 مليار ليرة، وذلك لدفع تعويضات الصرف من الخدمة لإنهاء خدمات 191 موظّفاً، (بعضهم وُظّفوا قبل أيام من صدور قرار الصرف)، ومن ثمّ إعادة نحو الثلث إلى عملهم بموجب عقود جديدة. كما التحقيق في سبب ارتفاع عدد المياومين، رغم الخسائر المُسجّلة، من 40 عاملاً في عهد رئيس مجلس الإدارة السابق خاطر بو حبيب إلى 359 مياوماً في عهد كريدي.
إضافة إلى التحقيق في ملف المازوت، الذي تمّ شراؤه من ماليّة الكازينو قبل أن يُباع لطرف آخر، ويُستبدل بزيت محروق، والتحقيق في ملف خدمة ركن السيّارات، بعد توقيع عقد مع إحدى الشركات بقيمة 600 ألف دولار، علماً أن الشركات هي التي تدفع لتحظى بحصريّة العمل في مجال ركن السيّارات في هذه المؤسّسات، وعلى الرغم من وجود موظّفين ثابتين في قسم المواقف في الكازينو.