بعد انتهاء الانتخابات الداخلية التنظيمية، التي أجراها تيار «المُستقبل» أخيراً لاختيار أعضاء مكاتب المنسّقيات في لبنان، بدأت تظهر إلى العلن اتهامات، على لسان مرشحين لم يحالفهم الحظ، بأن «الانتخابات المعلبة» كانت معروفة النتائج سلفاً.
ويلفت هؤلاء إلى «جملة من المشاكل والثغَر التنظيمية التي سادت الأجواء وسط حالة من عدم الرضى والسخط» مما اعتبروه «تدخلاً واضحاً من الأمين العام للتيار أحمد الحريري في دعم لوائح على حساب أخرى عبر التلاعب بلوائح الشطب»، إذ إنه «قبل إجراء الانتخابات بيوم واحد، فوجئ الجميع بإدراج أسماء لترجيح كفة لائحة على أخرى»!
ويؤكد عدد من المرشحين الخاسرين في منسقيات «دسمة» أن «الانتخابات جرت وسط أجواء حامية، لكن غير ديموقراطية». وينفي هؤلاء ما أشاعته قيادات التيار بأن «الاستحقاق اتخذ طابعاً ديموقراطياً»، مشيرين إلى أن «المشاركة اللافتة لفئة الشباب انتخاباً وترشيحاً أتت بناءً على رغبة الرئيس سعد الحريري في أن تكون هناك مشاركة حقيقية للشباب».
وعلى ذمّة المصادر نفسها، فإنه «قبل أسبوعين شهدت انتخابات المنسقيات اعتداءً بالضرب من قبل إحدى المرشحات على منتسب جالس وراء صندوق الاقتراع، بحجة أنه يقوم بالتزوير ولا يُذيع اسم المرشحة علناً». ويوم الأحد الماضي، «تكررت هذه الحادثة في البيال، وتحديداً في انتخابات الحقوقيين في التيار، إذ صفعت م. ق. من منسقية زقاق البلاط منسق قطاع الحقوقيين في التيار عضو المكتب السياسي المحامي ف. س. إثر إشكال بينهما، فما كان من الشباب الموجودين إلا أن أخرجوها من القاعة، إلا أن المحامي لحق بالناشطة الحامل واعتدى عليها بالضرب المبرح».
كذلك شهد صباح الأحد حالة من «الهرج والمرج» وسط ارتفاع منسوب الشتائم. إذ أقدم أحد الأشخاص الذي كان يرافق مرشح الحقوقيين عن قطاع المهن م. ب. وكال الشتائم على خلفية ما يحصل من انتهاكات، فمنع من الاقتراب من صندوق الاقتراع، لكونه ليس ناخباً، وما لبث أن تدخل المعنيون وعالجوا الإشكال.

الانتخابات جرت وسط أجواء حامية وغير ديموقراطية


ويقول أحد المرشحين الخاسرين إن «الحقوقيين يعتبرون أنفسهم الأقدر والأفضل بين كل القطاعات»، مشبهاً ما يجري بـ«الكانتونات» إذ إن «كل قطاع يريد أن يطيح الآخر». وأضاف «نشكو ضعف التنسيق والتخطيط، ونعاني من الضياع والإرباك، الوضع ليس سليماً في التيار». وفي السياق، يقول مرشح آخر «في كل الانتخابات التي أجريت منذ الموتمر التأسيسي حتى يومنا، نفاجأ بأنه قبل يوم واحد تدخل مجموعة أسماء في لائحة الشطب لضرب الكفة الراجحة»، معتبراً أن «القيادة تلعب بأعصابنا، وتتعمّد تحقيرنا، إذ تدعونا إلى الترشح حتى لا تظهر الانتخابات في صورة التعيين والتزكية، ثم يدفعون بلائحة كاملة أخرى من تحت الطاولة لإقصائنا». وتابع «ما حصل هو مسرحيات انتخابية فقط لتحجيم الأقوياء ودعم آخرين، همهم إبعاد البعض عن مصدر القرار، وضرب صدقيتهم حتى لا يعودوا من صقور المعارضة داخلياً».
أحد المنتسبين إلى التيار يتهم المستقبل باعتماد «ديكتاتورية القرار، إذ إن القيادة عند دعوتنا لمناقشة التعديلات على النظام الداخلي لم تفتح مجالاً للنقاش مع أحد. فقد جاء الرئيس الحريري وصدق على النظام المعدل، من دون أن يلتفت إلى الحضور الذي كان يطالب ببحث جدّي لبعض البنود». وأشار إلى أنه «قبل يومين من المؤتمر العام، قال أحمد الحريري في مقابلة تلفزيونية إن لدينا 2034 اسماً فقط على لوائح الشطب في بيروت، لنفاجأ يوم الانتخابات بارتفاع العدد الى 2400 اسم. وعند متابعتنا الموضوع، أبلغنا أن أصحاب الأسماء الجدد يعملون في التيار، وقد لحظت أسماؤهم لخلق نوع من التنافس»!
هذه المعلومات قابلها نفي قاطع من قبل مسؤولين تنظيميين في التيار شرحوا بعض التفاصيل لتبيان حقيقة ما حصل. بحسب هؤلاء، فإن «لوائح الشطب التي جرت على أساسها انتخابات المندوبين في المناطق هي ذاتها التي جرت على أساسها الانتخابات في مراحلها الأخرى، لكنها خضعت لعملية تنقيحية حيث أضيفت إليها أسماء وألغيت أخرى، بعد تقديم عدد من المراجعات، وخصوصاً مع وجود انتسابات جديدة، وهذه عملية تنظيمية طبيعية، وليس بالضروري أن يكون الجمهور أو القاعدة على علم بها».
وقالت المصادر: «نتفهّم أن يكون لدى بعض المرشحين الذين لم يحالفهم الحظ ملاحظات، ونحن قبل الانتخابات خصصنا لهذه الغاية بريداً إلكترونيا لتلقي الشكاوى والعمل على معالجتها». وأكدت أنه «خلال فترة الانتخابات، كانت هناك هيئة إشراف في كل المناطق للغاية نفسها». وفيما لم تنف المصادر حصول بعض الثغَر، قالت إن «الانتخابات جرت في ظل أجواء هادئة، تخللتها بعض المشادات، وهذا أمر عادي يحصل في أي انتخابات وداخل أي تيار». وأشارت إلى أن «ما أنجزه التيار هو مسار ديموقراطي كبير لم يحققه أي حزب آخر»، واستشهدت بكلام الرئيس الحريري الذي تحدث في إحدى المقابلات التلفزيونية عن أن «تجربة بهذا الحجم يُمكن أن يكون فيها أخطاء، ولكن الباب مفتوح أمام الجميع». وعن تدخلات الأمين العام في لوائح الشطب ودعم أسماء ضد أخرى، أكدت المصادر أنه «لم يكن هناك حظوة لأشخاص دون آخرين»، والدليل أن «بعض المرشحين الذين لم ينجحوا هم أقرباء نواب مثل نجل النائب محمد الحجار، أو كوادر مقربين من أحمد الحريري، كوالد منسق عام الإعلام عبد السلام موسى على سبيل المثال، وبشرى عيتاني وأشخاص مدعومين من الوزير محمد كبارة، وهذا خير دليل على أنه لم يكن هناك أي تزوير أو تلاعب أو تدخل من أي نوع كان».