كان من المُفترض بالتحرّك الأوّل الذي نظّمته حملة "سكّر خطّك" في 8/1/2017 أن ينتج حلولاً جديّة لخفض كلفة الاتصالات في لبنان، خصوصاً بعدما كبّد شركات تشغيل شبكتي الاتصالات في لبنان، بحسب منظّمي الحملة، نحو مليوني دولار أميركي، نتيجةً لإغلاق الخطوط الخلويّة على مدار يوم كامل، إلّا أن ما يصفه وديع الأسمر، (أحد منظّمي الحملة)، بـ"المماطلة" نسف سبل الحوار، أقلّه مرحلياً، وقاد إلى تحرّك ثانٍ يوم غد الخميس في 2/2/2017.
فبعد التحرّك الأوّل، اجتمع منظّمو الحملة مع وزير الاتصالات جمال الجرّاح، وقّدموا له ورقة مطالب، بنيّة وضع مسوَّدة حلول لكيفيّة إدارة القطاع، وتمهيداً لتنفيذها بما يخفّف عبء الفاتورة على المستهلك، خصوصاً بعد الحملة المُضادة التي انطلقت بوجه "سكر خطّك"، باعتبارها "مشبوهة وهدفها التصويب على تيار المستقبل". فنّد المنظّمون المطالب بأربعة بنود: 1- المطالبة باشتراكات سنويّة بدلاً من شهريّة للخطوط اللاحقة الدفع. 2- خفض كلفة المكالمات والإنترنت. 3- إلغاء بدل خدمة إظهار الرقم (CLIP). 4- تمديد مدّة عمل الخطوط المسبقة الدفع من شهر إلى 6 أشهر كحد أدنى. واتُّفق على تحديد موعد لاجتماع ثانٍ يحضره ممثلون عن شركتي Touch وAlfa للتفاوض على المطالب بحضور الجرّاح، على أن يسبقه اجتماع بين الشركتين والوزير لدراسة المطالب.

مطالب الحملة توفّر ما بين 70 و80 مليون دولار سنوياً على المشتركين

انتهى الاجتماع الثاني الذي عُقد يوم الاثنين المنصرم، بحملة لتبادل الاتهامات؛ "سكر خطّك" تتهم وزارة الاتصالات بالمُماطلة نتيجة غياب ممثلين عن شركتي الاتصالات وتقديم أرقام "منفوخة" قدّمتها الشركتان عن الخسائر التي قد تتعرّض لها يومياً في حال تلبية المطالب المُقترحة، بهدف إفشال الحملة. فيما يتهم الجرّاح ناشطي الحملة بانتهاج سياسة "الابتزاز التي لن يرضخ لها"، مشيراً في بيان صادر عن مكتبه إلى أن "الدعوة إلى اعتصام جديد تدلّ على عدم جديّة الحملة، وتشير إلى وجود نيات غير سليمة وشعبويّة غير مسؤولة"، خصوصاً "بعد تحديد موعد للقاء الشركتين، نظراً إلى وجود جدّية ونيّة صادقة للوصول إلى حلّ يرضي الجميع ضمن الرؤية التي تعتمدها الوزارة للنهوض بقطاع الاتصالات".
حاولت "الأخبار" الاتصال بوزير الاتصالات جمال الجرّاح، للاستفسار عن أسباب عدم تلبية مطالب خفض أسعار المكالمات والإنترنت وتحسين الخدمات، دون نتيجة، وذلك بعد أن نفى سابقاً وجود أي نيّة باتخاذ قرار مماثل يبدأ تنفيذه مطلع شباط الحالي، كما أشيع.
لا تهدف الحملة إلى الابتزاز، بل هي محاولة لتصحيح وضع غير سوي مُعترف به من السلطة نفسها، بحسب ما يشير وديع الأسمر، باعتبار أن "كلفة الاتصالات في لبنان عالية جدّاً، وتكبّد المستهلكين أكلافاً كبيرة، وخصوصاً الفقراء الذين يشكّلون أكثر من ثلث الشعب اللبناني". ويتابع الأسمر: "كان من المفترض الخروج بحلول ما، لكن الوزير عرض دراسة أوليّة، تشير إلى أن المطالب، وخصوصاً إطالة أمد صلاحيّة الخطّ لأكثر من شهر، تحقق وفراً على المشتركين بقيمة تراوح بين 70 و80 مليون دولار سنوياً، وذلك دون تفصيل الأرقام في شكل علمي، ما يحول دون تلبيتها"، وهو ما يراه الأسمر أرقاماً مشكوكاً فيها، مستنداً إلى معادلة السعر والاستهلاك، بحيث يرتفع الثاني كلّما انخفض الأول، مشيراً إلى "عدم وجود نيّة بخفض أرباح الاتصالات، بما يزيد قدرة الفرد الشرائيّة، وتحريك قطاعات استهلاكيّة أخرى، وتالياً تيئيس الناس ليتقبلوا فكرة الخصخصة".
عملياً، اقترح الناشطون مجموعة من الحلول تزيد إيرادات الاتصالات وتخفّف العبء على المستهلك، استناداً إلى تجارب سابقة قادتها وزارة الاتصالات منذ عام 2009، عندما خفضت الأسعار، ما أسهم بتوسيع الشبكة وزيادة عدد المشتركين من نحو 800 ألف لكل شبكة إلى أكثر من مليونين لكلّ منها، وتالياً زيادة الإيرادات، ومن ثمّ الأرباح حكماً. وذلك عبر تمديد فترة الخطّ من شهر إلى ثلاثة أشهر كمرحلة أولى، واستحداث خطوط مسبقة الدفع لشراء الأيام والدولارات على حدة، وذلك بهدف إدارة سوق الاقتصاد الموازي الذي خلقته سياسة إدارة قطاع الاتصالات نفسها، أي سوق "بيع الدولارات والأيام في شكل منفصل" من قبل موزّعي شركات الاتصالات، بما يحقّق هامش ربحيّة بنحو 35% من سعر خطّ الدفع المسبق، أي ما يوازي 8$ (سعر الخط المسبق الدفع 22$ لـ35 يوماً، يباع مقابل 30$ عند تجزئة الدولارات والأيام، أي مقابل 20$ و10$ على التوالي).