بتاريخ 22/9/2016، تقدّم عدد من المحامين الناشطين لدى القاضي حمدان، باستحضار بوجه اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية وشركة الجهاد للتجارة والمقاولات والدولة اللبنانية (المطلوب إدخالها بالدعوى). وعرضوا على القاضي مسألة طمر النفايات غير المفروزة والمباشرة بالطمر قبل إنشاء كاسر الأمواج، مُثيرين مسألة تأثير تواجد المطمر الملاصق لجدار مطار رفيق الحريري الدولي على سلامة الطيران المدني. وطلبوا قبول طلب إدخال الدولة اللبنانية والحكم بإقفال مطمر الكوستابرافا نهائياً.
ردّ شركة «الجهاد»: الأعمال تتم بأعلى المعايير الدولية

بتاريخ 5/10/2016، قدّمت شركة الجهاد للتجارة والمقاولات لائحة جوابية أدلت فيها بعدم اختصاص القضاء العدلي للنظر في الدعوى لدخول الموضوع في اختصاص القضاء الإداري. وأفادت الشركة أنها تُنفّذ ما التزمت به بعقد إداري مع مجلس الإنماء والإعمار. واعتبرت أن ما يُثيره المُدّعون غير صحيح، "لأن الأعمال جارية بعد قرار سياسي وإداري لمعالجة أزمة النفايات التي تتم بأعلى المعايير الدولية"، ولفتت إلى أن الحق الأجدر بالحماية هو "رفع النفايات من الشوارع والتقليل من الأمراض والحشرات"، طالبة ردّ الدعوى للأسباب المذكورة وتضمين المدعين النفقات والعطل والضرر.

اتحاد البلديات: لا علاقة لنا بالنزاع

جواب الشركة جاء متوافقاً وجواب اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية التي اعتبرت أن وقف تنفيذ قرار إداري "يخرج عن اختصاص المحكمة وظيفياً"، كذلك اعتبر أن "موقع الكوستابرافا يقع أبعد من نطاق عمل المحكمة المكاني (يقع المطمر في منطقة القبة العقارية التابعة لبلدية الشويفات من قضاء عاليه)، مُضيفاً أن لا علاقة له بالنزاع "إذ لم يسبق أن تعاقد مع شركة الجهاد أو شركة سوكلين"، مُشيراً إلى أن الدولة "تصدّت لمعالجة النفايات دون العودة إلى البلديات أو الأخذ برأيها منذ أكثر من عشرين عاماً، فيما فرضت عليها دفع كلفة رفعها وجمعها وطمرها". وطلب الاتحاد إخراجه من المحاكمة وردّ الدعوى.

مجلس الإنماء والإعمار: منع النفايات يتسبب بكارثة في ضواحي بيروت

بتاريخ 14/1/2017، قدّم مجلس الإنماء والإعمار طلب تدخله شكلاً، اعتبر فيه أنه المرجع المختص لمناقشة جوانب الملف كونه المكلف أصولاً من مجلس الوزراء. ولفت المجلس إلى أنه سبق أن لجأ إلى خبير فرنسي وضع تقريراً حدّد بموجبه العوامل الأساسية الجاذبة للطيور في محيط المطار بمجرى نهر الغدير، معتبرا أن المركز المؤقت لا يشكل حالياً مصدر جذب للطيور نظراً إلى الإجراءات المتخذة. وأشار المجلس إلى أن قرار منع نقل النفايات "يُسبّب كارثة بيئية ضمن ضواحي بيروت". وطالب المجلس بفتح المركز لمدة أسبوعين بغية إيداع المحكمة جميع الإيضاحات والتفاصيل التي تُثبت انعدام الصلة المُسببة بين الضرر أو المخاطر المشكو منها والتي تهدد سلامة الطيران.

القاضي حمدان: إزالة التعدي على الحقوق من اختصاص المحكمة

اعتبر القاضي أن طلب المدعين يأتي في سياق دفع الخطر المفترض أو إزالة التعدي المنسوب إلى خصومهم إحداثه من خلال المطمر. ورداً على مسألة عدم اختصاص المحكمة، قال القاضي إنه يهم المحكمة التنويه بأنها غير معنية بتناول مشروعية القرار الإداري الصادر عن مجلس الوزراء، لافتاً إلى أن جلّ عمل المحكمة سيكون مقتصراً على بحث عناصر اختصاصها النوعي تجاه واقع المطمر والتصرفات المادية في داخله ومدى إحداثه أضراراً غير مبررة إزاء محيطه. واعتبر القاضي أن موضوع الدعوى يدخل في الاختصاص الوظيفي للمحكمة، مشيرا إلى أن المحكمة ترى مقاربة طلبات المدعين بالارتكاز إلى أحكام المادة 579 من أ.م.م التي تعطي القاضي الناظر في القضايا المستعجلة سلطة اتخاذ التدابير الآلية لإزالة التعدي الواضح على الحقوق.

الأسباب الموجبة لإقفال المطمر

خلُصت المحكمة في قرارها إلى النتائج التالية:
- إن المطمر المطلوب إقفاله، إضافة إلى موقعه الجغرافي الحالي الذي قررته الإدارة، يُمثّل بحالته الراهنة خطراً على حركة الطيران قد يزداد مع الوقت بسبب جذبه الطبيعي للطيور، وإنّ وجود عوامل أخرى ظاهرة للعيان وخارجة عن نطاق الدعوى في محيط المطار وجاذبة للطيور، لا تُقلّل من دور المطمر في هذا الصدد.
- إنّ آلية العمل داخل المطمر بفعل دفن النفايات بشكل غير مُطابق للمواصفات الفنية، سيُنتج على المدى القصير، المتوسط والبعيد، أضراراً على المحيط السكني والثروة السمكية في أماكن بعيدة عنه حالياً جرّاء العصارة المتسللة إلى جوف البحر.
- إنّ تحلّل النفايات العضوية في ظلّ الطمر غير السليم يوجِد مع الوقت أنواعاً متعددة من الغازات التي تتراوح بين ثاني أوكسيد الكاربون المُسبِّب للاحتباس الحراري وأنواع أخرى من الغازات، وتبعيا غاز الميثان الذي يمكنه التغلغل وله قدرة عالية على تسخين الجوّ بمجرّد تسرّبه إلى الخارج والذي من شأنه أن يُمثّل أيضاً خطراً حقيقياً على مُحيط المطمر البحري، البري، والجوي.
إن الإجراءات الحمائية التي يلقي المدعى عليهما والمقرر إدخاله الضوء عليها، معتبرين أنها كافية لردّ الدعوى، على أهميتها وحيويتها، تبقى صالحة فحسب للتعامل مع ثغرات العمل الفني في المطمر وغيرها من عوامل جاذبة للطيور في حين أنها لا تؤدي أي وظيفة إطلاقاً لناحية إزالة الأسباب خاصة وأن الطيور قد تعتاد عليها.
وأضاف القرار: "وحيث اتساقاً مع التعليل السالف ذكره، فإنّ عيوب التنفيذ الواضحة قانونياً وفنياً، تتيح للمحكمة بيُسر واقتناع اعتبار بقاء طمر النفايات بالشكل الحاصل حاضراً في المطمر المطلوب إقفاله، نشاطاً ينطوي على تعدٍّ واضح على حقوق المُدّعين (..) ما يستتبع اتخاذ القرار المناسب بوقف هذا النشاط، وتالياً إلزام المُدعى عليهما والمُقرّر إدخالهما بالوقف الكلي لنقل النفايات إلى المطمر موضوع الدعوى".
وحيث إن المحكمة بعد هذه النتيجة، ونظراً إلى مختلف الظروف التي أحاطت وتحيط بالملف، يعنيها إبداء التالي:
* إن تثبتها في المبدأ من التئام عناصر تعدٍّ واضح على الحقوق أو الأوضاع المشروعة، يستتبع حتماً الحكم بإزالته.
* إن المحكمة، مع تسليمها بانحصار دور السلطة القضائية في بت النزاعات وإصدار القرارات في منازعات محددة، فإنها تراعي أيضا مبادئ المسؤولية الاجتماعية مع سائر الكيانات الأخرى التي لا تقتصر على سلطة دون غيرها.

خلاصة الحكم

أولاً: ردّ طلب إدخال الدولة اللبنانية شكلاً.
ثانياً: قبول طلب تدخل مجلس الإنماء والإعمار شكلاً في المحاكمة.
ثالثاً: اعتبار المدعين والشركة المدعى عليها ذوي صفة في الدعوى.
رابعاً: حفظ الاختصاصين الوظيفي والمكاني للمحكمة للنظر في الدعوى.
خامسا: إلزام المدعى عليهما اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية وشركة الجهاد للتجارة والمقاولات والمقرر إدخاله مجلس الإنماء والإعمار، كل بما يعنيه بالوقف الكلي لنقل النفايات إلى المركز المؤقت للطمر الصحي في منطقة الغدير وذلك بعد انقضاء أربعة أشهر من تاريخ تبلغهم هذا الحكم، على أن يبقى العمل خلال فترة الأربعة أشهر هذه تحت رقابة من ينتدبه كل من معالي وزيري البيئة والأشغال العامة والنقل وما يستنسبانه من تدابير تقتضيها سلامة البيئة المحيطة وأمن الملاحة الجوية.
سادساً: رد طلب الغرامة الإكراهية ورد الأسباب والمطالب الزائدة أو المخالفة وتضمين المدعى عليهما نفقات المحاكمة جميعها.