القاسم المشترك الذي سجل بين القوى والفصائل الفلسطينية في اليومين الماضيين، أن نجاة مسؤول الاستخبارات في السفارة الفلسطينية في بيروت إسماعيل شروف من محاولة الاغتيال التي تعرض لها الأحد الفائت في صيدا، جنّب عين الحلوة وسائر المخيمات الدخول في نفق مجهول قبل أيام من وصول الرئيس الفلسطيني محمود عباس المرتقب في 3 شباط إلى بيروت. فيما عدا ذلك، تباينت المواقف من الحادثة في السر والعلن. شروف المعروف بـ"أبو إيهاب" اعتاد زيارة العقيد الفتحاوي يوسف دياب في منزله قرب سرايا صيدا.
وفق روايته، فإنه ما إن "وصل إلى باب الشقة، وقبل أن يقرع الجرس، كان هناك مجهولان ينتظرانه عند الدرج المؤدي إلى الطبقة الأعلى، أطلقا باتجاهه خمس رصاصات من مسدسين (غير كاتمين للصوت). أصابته رصاصة في يده وأخرى خدشت جبينه، فيما استقرت الرصاصات الأخرى في الحائط. أخذ شروف يصرخ، ما دفعهما إلى الاختباء داخل المبنى".
أثارت الحادثة علامات استفهام عدة حول اختيار الموقع خارج المخيم والقريب للسرايا ومصرف لبنان اللذين يحظيان بحماية أمنية مشددة. كيف استطاع الجانيان الفرار؟ التصريحات الأولية لشروف وكوادر فتحاوية أخرى، غذت اتهام البعض لحركة "أنصار الله" استناداً إلى أن القيادي فيها محمود حمد يقيم في الطبقة العلوي لشقة دياب. شائعات انتشرت عن اقتحام القوى الأمنية لشقة حمد ومصادرة أسلحة منها، ما حدا رئيس الحركة جمال سليمان، إلى إصدار بيان استنكر فيه محاولة الاغتيال "الآثمة وزج الحركة فيها، ما شكل دليلاً على مدى العمالة التي يتمتع المرتزقة ليوقعوا الفتنة بين الحركة وفتح". إشارة إلى أن الجفاء وقع أخيراً بين الحركتين بعد رفض السلطة الفلسطينية في رام الله اقتراح سليمان بتسلم قيادة قوات الأمن الوطني والعودة إلى التمركز في عين الحلوة بعد عقدين ونيف على مغادرته. لكن الاتهامات وجهت صباح أمس نحو "التيار الإصلاحي في فتح" الذي يتزعمه العميد محمود عيسى "اللينو". إذ وجدت عبوة معدة للتفجير تزن نحو 300 غرام، أمام محل يملكه أحد أبرز مساعديه في المخيم، أحمد عبد المجيد. علماً بأن تقارباً ملحوظاً سجل بين سليمان والتيار في الآونة الأخيرة. في وقت لاحق من يوم أمس، أصدرت قيادة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان بياناً أدانت فيه "العملية الإرهابية الفاشلة"، واضعة إياها "في دائرة العمل المشبوه الذي يهدف إلى زرع الفتنة بين الشعبين الشقيقين الفلسطيني واللبناني".
بانتظار الكشف على كاميرات المراقبة المنتشرة في محيط موقع الجريمة لتبيان هوية مطلقي النار، يتواصل التنسيق بين اللجنة الأمنية العليا واستخبارات الجيش لبحث "ورقة المنظومة الأمنية" التي تتضمن خطة القوى لضبط الأمن في عين الحلوة.
وكان لافتاً البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية اللبنانية الذي أدانت فيه محاولة اغتيال شروف الذي يعدّ ضمن الهيئة الديبلوماسية التي تتمتع بالحصانة. الوزارة رفضت "استعمال الأراضي اللبنانية ساحة لتصفية الحسابات"، مجددة التشديد على "ضرورة التطبيق الصارم لقرارات الحكومات اللبنانية المتعاقبة والقاضية بضبط ونزع السلاح غير الشرعي والمتفلت داخل المخيمات الفلسطينية وخارجها، حمايةً لأمن لبنان ولاستقرار المخيمات".