لم يكن امتناع إسرائيل حتى الآن عن استهداف لبنان خياراً طوعياً. فعناصر إرادة العدوان والقدرة على تنفيذه ــــ على مستوى المصالح والحافزية والأهداف والبيئة الإقليمية الملائمة ــــ مكتملة. ما يمنع العدوان ليس فقط امتلاك حزب الله قدرات عسكرية متطورة، بل حضور هذه القدرات وإرادة تفعيلها في وعي صانع القرار السياسي والأمني في تل أبيب.
في تقرير نشرته صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أمس، تأكيد لجدية وصدقية الرسائل التي وجهها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قبل أشهر باستهداف أكثر المواقع حساسية في الكيان الإسرائيلي، وإقرار بأن هذا الاستهداف قادر على قتل عشرات آلاف الإسرائيليين. والترجمة العملية لما تناوله التقرير، أن حزب الله يمتلك قدرات ردّ تتناسب مع متطلبات ردع سياسة التدمير الشامل التي كانت تلوّح بها إسرائيل في مقابل لبنان.

حذّرت رسالة سرية نتنياهو من قدرة حزب الله على استهداف المواقع الحساسة



وكشفت «هآرتس» عن تحذير أحد الخبراء الدوليين المشهورين من أن إسرائيل تعاني من نقطة ضعف أمنية ستؤدي إلى مقتل عشرات الآلاف من الإسرائيليين وإصابة مئات آلاف آخرين. ولفتت إلى أن المسألة لا تتعلق بالخشية من إمكانية إصابة المصانع في خليج حيفا أو المواقع النووية في إسرائيل، لافتة ــــ بالاستناد إلى طرح الخبير الكيميائي الذي لم تذكر اسمه ــــ إلى أن هذا التهديد قائم منذ سنوات، وإنما يعود إلى تطور قدرات حزب الله التسليحية، ومن ضمنها الصواريخ البعيدة المدى التي باتت تتمتع بدقة أكبر مما كان عليه في الماضي. ويوضح الطرح الذي قدمه الخبير الدولي أن المعلومات الأمنية الحساسة موجودة على مواقع إنترنت محددة ومتاحة لكل من يطلبها، بمن فيهم العدو الذي يسعى إلى استهداف أحد المواقع الحساسة في إسرائيل، في إشارة إلى رسائل حسن نصر الله قبل عدة أشهر باستهداف مواقع حساسة في إسرائيل.
وأوضحت «هآرتس» أن هذا البحث جرى سراً، وقُدِّم إلى الجهات المعنية قبل أشهر. وفي الموازاة، وُجِّهَت أيضاً رسالة سرية تتضمن العناصر التي استند إليها هذا التحذير، إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وجهات أخرى.
إلى ذلك، أوضح ضابط رفيع في هيئة أركان الجيش أن حزب الله طوّر قدراته الصاروخية، وباتت تتمتع بدقة كبيرة جداً، وهي «الأكثر قلقاً وإرباكاً لإسرائيل من قبل العدو، لأنه التهديد الأكثر جوهرية» لإسرائيل. وأضاف أن حزب الله يُفعِّل منظومة صواريخ أرض – أرض متطورة، مشيراً إلى أن استخدام الصواريخ ضد إسرائيل ليس جديداً، ولكن مستوى تطور هذه الصواريخ والتجهيزات التي يمتلكها حزب الله تزايدت جداً في السنوات الأخيرة، مؤكداً أن لدى حزب الله حالياً قدرات صاروخية أكبر بعشرة أضعاف مما كان لديه عشية حرب لبنان الثانية عام 2006.
ولفتت «هآرتس» إلى أن لدى حزب الله حالياً نحو 130 ألف صاروخ من أنواع مختلفة، من ضمنها «زلزال» الذي يصل مداه إلى 200 كلم، وصواريخ «فاتح» و»M-110» بمدى 250 كلم، وصواريخ «سكود D» يصل مداها إلى 700 كلم. وتناولت أيضاً قدرات حزب الله المتنوعة على إطلاق منظوماته الصاروخية. وهي تراوح بين منصات إطلاق من تحت الأرض، ومنصات منصوبة في محميات طبيعية، ومنصات متحركة على شاحنات وآليات خاصة. ويقدِّر الجيش الإسرائيلي أن حزب الله قادر على إطلاق حتى 1500 صاروخ في اليوم، مقارنة بنحو 200 صاروخ في خلال حرب عام 2006.
وذكَّرت «هآرتس» بخطاب نتنياهو أمام الأمم المتحدة في تشرين الأول عام 2015، الذي أقرّ فيه بأنّ حزب الله نجح في نقل صواريخ متطورة من سوريا إلى لبنان، من ضمنها صواريخ أرض ــــ أرض دقيقة الإصابة، وصواريخ مضادة للطائرات «اس. اي. 22»، وصواريخ أرض ــــ بحر من طراز «ياخونت». ورأت أن تزوّد حزب الله بالأسلحة النوعية، والخبرات التي يراكمها من الحرب في سوريا، أكسبته قدرات مستقلة في مجالات حيوية مثل قتال الكوماندوس، وتفعيل طائرات دون طيار، بما فيها طائرات هجومية.