لم تهدأ بعد الزوبعة التي أثارها عدم استئذان رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي علي قانصو المجلس الأعلى في الحزب قبل قبوله الحقيبة الوزارية. دستور الحزب ينصّ على أن يُمارس الرئيس مهمته متفرغاً، وإذا كان يرغب في تسلّم مسؤولية أخرى، فعليه الحصول على موافقة المجلس الأعلى. جرى تخطي الإجراءات الدستورية، لأنّ قانصو تلقّى اتصالاً قبل دقائق من إعلان التشكيلة الحكومية طُلب منه فيه أن يُسمي قومياً لتولي وزارة من حصة الطائفة الشيعية، كما برّرت سابقاً مصادر قيادة الحزب.
أدّى هذا الأمر إلى تقديم رئيس المجلس الأعلى محمود عبد الخالق والرئيس السابق للحزب جبران عريجي ونائب رئيس الحزب توفيق مهنا والنائب السابق أنطون خليل والأمين العام للمؤتمر العام للأحزاب العربية قاسم صالح استقالاتهم من المجلس قبل أن ينضم إليهم النائب السابق غسان الأشقر.
الجديد في الملف هو تقديم ثلاثة من الأعضاء الرديفين في المجلس الأعلى لاستقالاتهم خطياً، هم: النائبة السابقة في مجلس الشعب السوري بشرى مسوح، المفوض العام السابق للكيان الشامي عبد الكريم عبد الرحمن ووكيل عميد الداخلية سماح مهدي. يُنتخب في المؤتمر العام للحزب 5 أعضاء رديفين لملء الشواغر في المجلس.

اشترط حردان أن
يتراجع المعترضون عن استقالاتهم قبل بدء الحوار، ولكنهم رفضوا

وقد سبق أن عُين بدلاً من قانصو وعميد الداخلية عاطف بزي عضوان رديفان. وباستقالة الأعضاء الرديفين الثلاثة، يتعذّر تعيين بدلاء للمستقيلين من المجلس الأعلى، ما يعني أنه سيُصبح قريباً في حكم المنحلّ. فوفق الدستور «القومي»، يجب ألّا ينقص عدد أعضاء المجلس الـ17 عن 13. وفي أول اجتماع له تُتلى الاستقالات، فيعتبر المجلس منحلّاً، بعد 30 يوماً. وبذلك، يدخل الحزب مجدداً في مسار انعقاد المؤتمر العام وانتخاب مجلس أعلى ورئيس جديد للحزب، فيما لو لم يتراجع المستقيلون، أو بعضهم، عن استقالتهم.
التصعيد من قبل المعترضين يبدو مستغرباً، بعد أن كان من المفترض أن تُعقد جلسة حوار بينهم وبين الرئيس السابق للحزب أسعد حردان بغية التوصل إلى حلّ للأزمة. وهم كانوا الأسبوع الماضي قد علّقوا الحملات الإعلامية وقبلوا بتأجيل جلسة المجلس المخصصة لتلاوة الاستقالات كبادرة إيجابية من قبلهم. يشرح أحد الأعضاء المستقيلين أنّ «أول جلسة حوار كان يجب أن تُعقد يوم الخميس الماضي، لكن حردان أرسل خبراً عبر الوسيط العميد وائل حسنية أنه يشترط لبدء الحوار التراجع عن الاستقالات، فرفضنا الشروط المسبقة». تردّ مصادر «الروشة» بأنّ الكلام غير دقيق «لأنّ هذا الشرط كان موضوعاً منذ البداية. من الطبيعي أن يكون حردان غير مستعد لمحاورتهم وهم يرفعون الاستقالات في وجهه». العضو المستقيل يُنكر بدوره كلام القيادة، «يوم الأربعاء جرى إبلاغنا بالشرط. رغم ذلك لا نزال نأمل أن يُحدد موعد جديد للحوار». يقول إنه في العادة «المعارضة هي من تخرق الدستور فتواجهها القيادة بسيف النظام والمؤسسات، الأمر معكوس حالياً». المطالب لا تزال نفسها، أولاً «التزام الدستور. حين نلغي منطق أنّ الأكثرية تستأثر بالقرار لا يعود هناك مجال لمخالفة الدستور». أما المطلب الثاني، فهو أن يسير قانصو على خطى حردان، «كما وافق الأخير على الاستقالة بعد قرار المحكمة الحزبية برفض التعديل الدستوري الذي سمح له بالترشح لولاية ثالثة، نُطالب الرئيس الحالي بالاستقالة احتراماً للدستور وأحكامه».
على الرغم من أنّ مصادر مُقربة من حردان تقول إنّ الحوار «يُراوح مكانه لأن سقف مطالب المستقيلين عالٍ جداً»، يرى حسنية أنّ «الحوار قائم كلّ يوم، وهناك وجهات نظر يجري التداول فيها، لا خلاف». يقول الأعضاء المستقيلون إنّ حسنية هو الوسيط بين الطرفين، لأنّ علاقة جيدة تربطه بالطرفين. ولكن هو يوضح لـ «الأخبار» أنه لا يدير حواراً «لأن الفريقين يتواصلان دائماً». ورداً على سؤال عمّا إذا كان يقرّب وجهات النظر، يجيب بأن «الكثير من القوميين يقومون بذلك، وأصلاً صلات الوصل غير مقطوعة». بالنسبة إليه، «الأمور تُسوّى، وطبيعة الحوار تُقرر النتيجة النهائية».