برّأ القاضي المنفرد الجزائي في بيروت غسان الخوري، هنيبعل معمر القذافي، نجل الرئيس الليبي الراحل، من جرم تحقير القضاء. لم يأخذ الخوري بمحضر الوقائع الذي حرّره قاضٍ أعلى منه رتبة، هو المحقق العدلي زاهر حمادة، الذي دوّن فعل تحقير القذافي للقضاء اللبناني واتهامه للقضاة بأنهم عصابة.
وسجّل القاضي المنفرد سابقة بتجاهل مضمون محضر رسمي منظّم من قبل قاضٍ آخر، باعتبار أنّ محضر القاضي لا يمكن إثبات عكسه إلا بادعاء التزوير. كذلك لم يعبأ بادّعاء القاضي حمادة على القذافي بجرم تهديد المحقّق العدلي بعدما اتهمه نجل الزعيم الليبي بأنّه ظالم ومرتهن، معتبراً أنّ قضاء والده أكثر عدالة من القضاء اللبناني. بل رفع إصبعه مهدداً حمادة: «إن لم تُخلِ سبيلي بعرف كيف بخلّيك تخليلي سبيلي». ولم يعنه ادعاء النائب العام في بيروت زياد بو حيدر الذي حوّل القذافي بجنحة مشهودة.
وحتى إفادة القذافي التي دُوِّنت على محضر التحقيق لدى القاضي الخوري في الجلسة الختامية قائلاً: «أنا أعتذر عما ورد من خطأ تجاه القاضي زاهر حمادة»، لم يأخذ بها الخوري أيضاً. فأصدر حكمه بإبطال التعقبات بحق القذافي وإعلان براءته من الجرم المنسوب إليه وإطلاقه فوراً مكرِّساً حقه المشروع في الدفاع عن نفسه أمام القضاء. وبذلك، يكون قد صدر أول حكم عن القضاء اللبناني لمصلحة القذّافي.
وفي هذا السياق، استنكرت مصادر مقربة من عائلة الإمام موسى الصدر الحكم «الأبتر». ورأت أنّ «القاضي سيكون موضع ملاحقة تأديبية»، مستغربة أنّ يقرر القاضي تكذيب محضر المحقق العدلي وثلاثة شهود وادعاء النائب العام في بيروت القاضي، فيما يأخذ بإفادة متناقضة لآمر فرقة السوق الملازم أول جان و. الذي عاد وأصدر «إفادة توضيحية» مدّعياً أنّ القاضي قوّله ما لم يقل. واستعادت المصادر حادثة نقل الخوري تأديبياً من مركزه كمحامٍ عام في جبل لبنان إلى المنصب الحالي الذي يشغله اليوم كقاضٍ منفرد جزائي ينظر في دعاوى الحق العام فقط.
ولم يكد يصدر الحكم بتبرئة القذافي حتى خرج وكيل عائلة الإمام الصدر المحامي شادي حسين ليوضح اللبس الحاصل بأنّ القذافي سيخرج. وأوضح أن «الدعوى هنا محصورة بجرم تحقير القضاء اللبناني فقط، ولا علاقة للحكم بالدعوى الأساسية التي ينظر فيها المحقق العدلي القاضي زاهر حمادة والموقوف فيها هنيبعل بموجب مذكرة توقيف وجاهية دائمة بجرمي التدخل اللاحق في الخطف المستمر وكتم المعلومات». ورأى وكيل عائلة الصدر أنّ «الحكم الصادر عن خوري يقتضي أن يكون موضع استئناف فوري، ومن يطلع عليه يدرك فداحة انحياز القاضي واستناده إلى تحليلات مستهجنة مقابل شهادة ثلاثة محامين». وطالب حسين مجلس القضاء الأعلى والتفتيش القضائي بمساءلة خوري.