بلغ العجز التجاري في الأشهر الـ 11 الأولى من عام 2016 ما قيمته 14.4 مليار دولار. وبحسب إحصاءات الجمارك اللبنانية من أول كانون الثاني 2016 حتى نهاية تشرين الثاني 2016، فقد بلغت قيمة الواردات 17.169 مليار دولار، فيما بلغت قيمة الصادرات 2.732 مليار دولار. تركّزت الواردات من الصين بنسبة 11% وإيطالياً بنسبة 7% وأميركا بنسبة 6%.
أما أبرز الصادرات فكانت في اتجاه أفريقيا الجنوبية بما نسبته 22% وسوريا بنسبة 6% وإيران بنسبة 5%.
هذا العجز الكبير في الميزان التجاري يولّد ضغطاً كبيراً على الاقتصاد اللبناني، إذ إنه يعني بالدرجة الأولى أن لبنان بلد مستهلك يعاني من ضمور في الإنتاجية. كذلك يعدّ هذا العجز الكبير ضغطاً على الوضع النقدي، إذ إن تمويل هذا المبلغ الكبير من الدولارات يتطلب في المقابل تدفقات مالية توازيه بالعملة الخضراء. المصدر الأساسي للتدفقات النقدية هو تحويلات المغتربين والاستثمارات الأجنبية المباشرة. المشكلة أنه في عام 2016 ظهرت مؤشّرات عديدة على ضعف كبير يلحق بهذه التدفقات، وبدت الحاجة إلى الدولارات في السوق النقدية أمراً ملحاً وخطيراً. والمشكلة الأكبر في هذا المجال أن معالجة هذا الوضع تتم من خلال عمليات نقدية حصراً، من دون أي بحث جدّي في موضوع تحفيز الاقتصاد الإنتاجي لسدّ الهوّة الكبيرة بين الاستهلاك المستورد والإنتاج المحلي. المعالجات النقدية تؤجّل المشكلة لأنها تنطوي على عمليات استجلاب للدولارات عبر القطاع المصرفي من الخارج وإغرائها بفوائد بمعدلات أعلى من المعدلات العالمية. هذا المسار هو مخالف لكل القواعد الاقتصادية التي تفرض على المعنيين خفض الفوائد في مواجهة الركود من أجل توجيه الكتل النقدية في اتجاه الاستثمار الاقتصادي، إلا أنه في المقابل، تأتي التدفقات إلى لبنان من أجل الاستثمار في القطاعات الريعية المربحة، سواء في الفوائد المصرفية أو المضاربات العقارية. خطورة هذا النوع من الاستثمارات، بالإضافة إلى كونه يلغي عملية تحفيز القطاعات الاقتصادية المنتجة ويمنع الاستثمار فيها، أنه أيضاً قابل للهروب والانسحاب من السوق بسرعة. كذلك تجدر الإشارة إلى أن تحفيز هذه التدفقات مكلف على المالية العامة العاجزة أصلاً، ما يحوّل حلقة الاستدانة هذه إلى وتيرة سريعة التضخّم وقابلة للانفجار في أي لحظة.