الأحداث الجارية في المقلب السوري من جبل الشيخ، والهجمات التي يشنها المسلحون الارهابيون ضد الجيش السوري، تثير قلق الأطراف السياسية اللبنانية، وفي مقدمها الرئيس نبيه بري الذي يرى أن «الخطر كبير من تسلل نار الحرب السورية في الجانب الشرقي للجبل والطرف الغربي منه»، وأن ما يجري يهدّد «بعرسال أخرى في منطقة شبعا، ولكن بظروف وعوامل جغرافية وطائفية أكثر تعقيداً».
الغليان في تلك المنطقة دفع برئيس المجلس إلى تحريك هذا الملف على أعلى المستويات بعيدا عن الإعلام ، بهدف معالجة الثغرة الحدودية عند المثلث اللبناني – السوري – الفلسطيني. إذ يخشى برّي من «تدفق أعداد جديدة من النازحين والمسلحّين إلى الجانب اللبناني». ويوضح أن «الخطر الأكبر هو من العدو الإسرائيلي. فإذا حاصر الجيش السوري المسلحين في الجهة السورية من الحدود، والجيش اللبناني من الجهة اللبنانية، فقد يلجأ هؤلاء إلى طلب المساعدة من العدو الذي يمكن أن يؤمن لهم خط عبور الى الجانب اللبناني من جبل الشيخ».

ما يجري يهدّد بعرسال أخرى، ولكن بظروف وعوامل جغرافية وطائفية أكثر تعقيداً


المعلومات حول الوضع في شبعا ومحيطها تنذر بالخطر الآتي، في ظل تزايد أعداد النازحين في عدد من القرى السورية المحاذية، وفي مقدمها بيت جن ومزرعتها التي تقع تحت سيطرة المجموعات المسلحة، في مقابل سيطرة الجيش السوري على مواقع قريبة من القرى الدرزية وخاصة حضر. وتحتل هاتان البلدتان عنوان «الإستنفار» الأمني، بسبب المناوشات والعمليات العسكرية التي تقوم بها مجموعات مسلحّة على طول خطّ الجولان، بهدف إنشاء حزام آمن في المنطقة المحتلة في الجنوب السوري. ويتخوّف بري من «الدخول الاسرائيلي على الخط لدفع المجموعات المسلّحة الى احتلال بلدة حضر وصولاً إلى بيت جنّ، بهدف الإلتفاف على حزب الله وإشغاله في مناطق شبعا والعرقوب».
وعلمت «الأخبار» أن رئيس المجلس سيثير هذا الموضوع علناً في الأيام المقبلة، بعدما بدأ منذ فترة التنسيق مع الجيش اللبناني والقوى الأمنية واليونيفيل، للحدّ من التداعيات السلبية لمعركة جبل الشيخ على الجانب اللبناني. فمنذ شهرين بدأ الجيش اللبناني، بمشاركة مختلف الأجهزة الأمنية، بتعزيز تحصيناته وإقامة حواجز وأبراج مراقبة لرصد الخروق. وفي الآونة الأخيرة، حرص بري على متابعة التطورات في تلك المنطقة يومياً، وتكثيف الإتصالات واللقاءات مع المعنيين في الجيش والقوى الأمنية تحسباً لأي تطورّ، ومواجهة أي حدث أمني من شأنه إشعال تلك المنطقة، محذراً من «مغبّة حدوث تطورات يمكن أن تبدّل المشهد في شبعا، إذا ما قررت المجموعات المسلحة تخفيف الضغط عليها».
وفي المقابل، تكثف فعاليات المنطقة لقاءاتها بهدف «تحصين المنطقة، وتوحيد الموقف بين أبنائها، ولا سيما أن هناك من يتعاطف مع المعارضة السورية». وبالتالي، «وضع الجميع أمام مسؤولياتهم، والتأكيد على ضرورة تفهّم أبناء العرقوب وحاصبيا لخصوصية المنطقة». وفي هذا الإطار، سيعقد اليوم لقاء آخر، بهدف متابعة سير الأمور على الأرض. وتلفت مصادر متابعة للملف إلى أن «شبعا تفوق بحساسيتها كل المناطق الحدودية الأخرى التي تنتشر على تخومها جماعات ارهابية، وتحتضن مخيمات النازحين السوريين، نظراً لتربص اسرائيل التي تتحين الفرص لقلب الوقائع العسكرية التي أصبحت، أكثر من أي وقت مضى، تصبّ لمصلحة محور المقاومة والجيش السوري، وتحديداً في هذه المنطقة».