ما طلبتُهُ من اللّه، طوالَ سبعين سنةً وسبعين يأساً, كان كثيراً.
لكنْ، أيضاً، كان هيِّـناً وتُمكِنُ تَلبيَـتُه.
طلبتُ ما يكفي من العافيةْ...
ما يكفي من السعادة (لا الرفاه)...
وما يكفي من القدرةِ على احتمالِ الألم، والخوفِ، والحزنِ، وأماراتِ الجنونِ، وخيباتِ الفؤادِ والعقل.ِ
طلبتُ (أيامَ كنتُ لا أزالُ فتىً وطائشاً) أنْ يكونَ لي امرأةٌ، وأبناءٌ، وعملٌ لائقٌ، ومأوى عائليٌّ متواضعٌ صالحٌ لإيواءِ الحيواناتِ الآدميّة.
طلبتُ الكثيرَ الكثير ممّا كان هيِّـناً وممكناً. لكنْ، لسببٍ إلهيٍّ غامض، تعذّرَ الإنصاتُ إليه... واستحالت تَلبيَـتُه.
حسناً: طلبتُ، ونسيتُ، وعاتبتُ نفسي على ضعفها...، وغفرتُ لمن خَذَل.
.. ..
الآنَ الآنْ
أعودُ أكثرَ افتقاراً، وأَوفَرَ حكمةً، و... أقلَّ جشعاً،
وأطلبُ من اللّهِ نفسِهِ (اللّه الذي خذلني طوالَ سبعين سنةً بلا مبرِّر)
لا أنْ يُعِـيْـنني على احتمالِ ما بقيَ في كيسِ أقداري من الخيباتِ والآلامِ والكوارث (فقد أدمنتُ عليها)
ولا أنْ يجعلَ آخِرتي أرحمَ من دنياي (فذلك ما لا أرجوهُ ولا يهمّني أمرُه)
ولا أنْ يَـتَـعَطّفَ على أولادي فيجعلَهم ــ كأبناء الخونةِ واللصوص ــ أكثرَ غنىً، وأرفعَ منزلةً، وأوفرَ حظّاً في السطوِ على خزائنِ المملكةِ... أو الملكوت،
بل، فقط (إذا لم يكن في ذلك ما يُثقِلُ على أبينا الربّ):
أنْ أرى أحفادي (أحفادَ جميعِـنا) وقد نجوا من محنةِ الخوفِ، ولَوعةِ الترحالِ، ووحشةِ المنافي، وقِلّـةِ الصاحبِ، وحرقةِ الحنينِ إلى رنّةِ «صباح الخير»؛
و... إنْ أمكنَ (إنْ أمكنْ)
أنْ أَشهدَ، قبل أن تحينَ نَومتي الأخيرة،
نصفَ سُويعةٍ من المسرّةْ
وضحكةً طالعةً من القلبْ
وبضعةَ أيامٍ صغيرةٍ مِن السلام
على هذه الرقعةِ الشقيّةِ من الأرض.
..
أظنُّ: ليس كثيراً.
9/12/2015