باريس | «حين تبلغ أقصى الشغف والحقيقة، توازي الصورة الفوتوغرافية الكلمة قوةً وتأثيراً. وإذا كانت عاجزة عن إحداث التغيير المرجو، فإنّها تستطيع أن تقدّم لنا مرآة تعكس الأفعال البشرية، وبالتالي استفزاز صحوة الضمير» هذه الجملة التي قالها مرة المصوّر الأميركي الهنغاري الراحل كورنيل بابا، ترد في سياق التعريف بمعرض «ظلّ الصورة» الذي يحتضنه هذه الأيام «البيت الأوروبي للصورة الفوتوغرافية» في باريس ويستمر حتى أواخر شهر أيلول (سبتمبر) المقبل.يضمّ المعرض حوالى 90 صورة فوتوغرافية من الأعمال الأشهر في ريبورتاج الحروب وتغطي 60 عاماً من التاريخ الإنساني: بدءاً من حرب إسبانيا (1936)، وصولاً إلى العدوان الإسرائيلي على لبنان في صيف 2006. هكذا نشاهد مثلاً صورة شهيرة لجندي مذعور من القذائف في الفيتنام بعدسة دون ماكولين، والمقابر الجماعية في البوسنة بعدسة جيل بيريس... وصولاً إلى أعمال مصوّر مجلة «نيوزويك» الإيطالي باولو بيليغران الذي كان قد التقط مجموعة هائلة من الصور أثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006. وقد أُرفقت كل صورة بظروف التقاطها مع إحصائيات بعدد الشهداء الذين سقطوا جراءها وأثر الحروب على المجتمع... وقبل كل شيء، تعطي هذه الصور فكرةً عن ذلك العالم العدائي الذي نعيش فيه، ما يحفّز على التفكير في مستقبل الإنسانية.
قد تكون الصورة الأشهر لبيليغران تلك التي تبيّن مشهداً من مشاهد الحرب في الضاحية الجنوبية التي تعرضت لقصف عنيف. وتظهر في تلك الصورة مجموعة من المواطنين وهم يحاولون إغاثة الجرحى بعد عملية قصف قامت بها الطائرات الإسرائيلية. الصورة نفسها كانت قد أبرزتها مجلة «نيوزويك» في ذلك الوقت لإظهار مدى الوحشية الإسرائيلية وهمجيتها بحقّ لبنان وشعبه (الصورة). لا يظهر بيليغران الضحايا في صورته، لكن العلامات المرسومة على وجوه هؤلاء المواطنين في الصورة، تبيّن ـــــ ولو من دون دماء ـــــ كميات العنف والدم التي لا تظهر. هو مشهد من المشاهد الكثيرة التي حفلت بها تلك الحرب التي لم تؤدّ صورها الكثيرة إلى صحوة الضمير العالمي بعد!