دمشق | على الرغم من تجربته القصيرة قياساً إلى جيل معلّميه، فإن المنتج والسينمائي السوري عروة نيربيّة القابع حاليّاً في أحد السجون السوريّة، بات بسبب تلك الخطوة القمعيّة نجم المهرجانات والمحافل السينمائيّة التي تطالب باطلاق سراحه… وصولاً إلى هوليوود. الشاب الذي تخرّج في العام 1999 من قسم التمثيل في «المعهد العالي للفنون المسرحية» في دمشق، كانت خطوته الاحترافيّة الأولى مع خاله أسامة محمد في فيلمه الشهير «صندوق الدنيا»، ثم مثّل لاحقاً مع يسري نصر الله في «باب الشمس» الذي قام على خلطة من الممثلين العرب. مؤسس شركة «بروآكشن فيلم»، اشتغل في الاعلانات، وحقق أفلاماً تسجيليّة منها «القارورة»، وأطلق «أيّام سينما الواقع» Dox Box الذي جاء في العام ٢٠٠٨ أوّل تظاهرة «مستقلّة» من نوعها في سوريا، بمباركة «المؤسسة العامة للسينما». لكن تلك المسيرة لم تكن كافية وحدها لتضع صاحبها في دائرة الضوء، كان لا بد من أن يتدخّل النظام السوري ليساعد على ذلك!
السينمائي الشاب الذي لفت الأنظار بكتاباته المعارضة للنظام على فايسبوك، اعتقل قبل قرابة أسبوعين في مطار دمشق («الأخبار» 25/ 8/ 2012)، فقامت حملة تضامن واسعة لاطلاق سراحه. وسرعان ما وصلت إلى «السينماتيك» الفرنسيّة التي وسّعت الشبكة لتمتدّ إلى أوروبا وشمال أميركا. هكذا أعربت ادارة «مهرجان تورنتو» الكندي، عن «قلقها العميق» لاعتقال المخرج السوري الذي ينتمي حسب البيان «إلى الجيل الناشئ من المخرجين الشغوفين بعالم السينما والحرية». فيما أصدر «مهرجان البندقية السينمائي» الذي يقام حالياً في الجزيرة الإيطالية الشهيرة، مع عدد من جمعيات المؤلفين والمخرجين، ومراكز السينما، بياناً يدعو إلى إطلاق سراح نيربية «في أسرع وقت ممكن». ودعا مدير المهرجان العريق ألبرتو باربيرا بنفسه إلى إطلاق سراح زميله الذي كاد يتحوّل إلى «جعفر بناهي سوري».
وها هي الحملة من أجل اطلاق سراح عروة نيربيّة تصل إلى هوليوود، بعد انتشار مقطع فيديو على موقع يوتيوب يظهر فيه الممثل الأميركي روبرت دي نيرو وهو يعرّف بنفسه، قبل أن يضيف: «الحريّة لعروة». وقد سجّل هذا الفيديو القصير أعداداً كبيرة من المشاهدين، قبل أن ينتشر كالنار في الهشيم على صفحات الشبكة العنكبوتية، مذيلاً بردود فعل كثيرة على الموضوع. بعض التعليقات السلبيّة ركّز على أنّ مؤسس «دوكس بوكس» سيخرج من السجن ممتناً للأمن السوري الذي جعل ممثلاً بحجم دي نيرو يذكر اسمه. فيما تساءل آخرون عن مصير بقية الفنانين والناشطين والمعارضين السوريين الذي يقبعون في ظلمة السجون، ولا يأتي أحد على ذكرهم. وكتب أحد المعلّقين: «عسى الحملة من أجل عروة، تحمل تباشير الحريّة لسوريا، بلا متاجرة بعذاباتنا، وبعيداً من المزايدات والوصايات».