بيروت | تصطبغ أيام السوريين بلون الدماء، وتتراجع مساحة الفرح في صباحاتهم الملوثة برائحة الموت، فيجثم الحزن على قلوبهم وهم يودعون أحباءهم كل يوم. ليس وداعاً تقليدياً امتثالاً لقوانين الحياة، بل على طريقة الأشلاء والأجساد الممزقة التي يسحلها وجه الإرهاب. هكذا بات أهل الشام يبحثون عن ملاذ آمن في أي مكان على وجه البسيطة! منهم مَن تهدّم بيته، ومنهم مَن هجر مدينته، ومنهم من ينتظر مستقبلاً قاتماً تفوح منه رائحة القلق والشؤم. وسط كل ذلك، يسافر السوريون اليوم إلى بيروت، عساهم يستعيدون ألق لياليهم الصيفية التي كاد الحزن يجهز على صورتها في ذاكرتهم، بعدما صارت دمشق أشبه بمدينة الأشباح. وفي مصادفة عابرة، يجتمع عدد كبير من الفنانين السوريين في شوارع العاصمة اللبنانية. قد تلمح الممثلة القديرة أمل عمران تجلس على الرصيف برفقة طفل مشرد أو تصادف نسرين طافش تتمشى بصحبة أصدقائها الممثلين السوريين في شارع الحمرا. وسيباغتك حضور مواهب شابة تبث الروح في ليالي بيروت وأماكن السهر، لكن على الطريقة السورية هذه المرة! إذ يحصد الممثل السوري الشاب أيمن عبد السلام إعجاب رواد مطعم «أم نزيه» في الجميزة عندما يغني بصوت عالٍ ثم يؤدي بعض المشاهد الكوميدية، بينما يستقل الكوريغراف والراقص سامر الكردي بحضوره اللطيف ركناً خاصاً به بعدما انفصل عن فرقة «إنانا» وأسس فرقة صغيرة قوامها 15 راقصاً سورياً. وسيكون لبعض الموسيقين الشباب حضور من نوع آخر، وخصوصاً العازف والمؤلف الموسيقي الشاب يزن الهجري الذي يراه كثيرون امتداداً لتجارب فنية خاصة تركت بصمتها بثبات. وفي سياق مشابه، يتهافت الفنانون السوريين على «زيكو هاوس». هناك، ستصادف السيناريست فؤاد حميرة والمخرج المسرحي أحمد كنعان، بعدما عاد «زيكو هاوس» إلى حضوره الإنساني. فبالأمس البعيد كان المكان يضم عائلات هجرتها حرب تموز 2006، واليوم بات مساحة أمان لعدد من السوريين الذين يصنعون أجواءهم الفنية من وحي معاناة بلادهم ويترحمون على ماضٍ غابر لا أحد يدري متى يعود. لكنّ المهجرين اليوم اختاروا لأنفسهم طقساً آخر، وراحوا ينتشون طرباً على صوت وحيد الجابري طالب الموسيقى الذي باتت تتلقفه مقاهي بيروت وباراتها ليطرب الجمهور وهو يغني مزيجاً من أنواع مختلفة من الطرب الأصيل إلى اللون العراقي ثم أغاني الراي... كل ذلك سيشدو به الشاب السوري الموهوب برفقة فرقة لبنانية في التاسعة من مساء بعد غد الجمعة ضمن حفلة تحمل اسم «خواطر» وتقام في «تاء مربوطة» في الحمرا... علّ هذه اللقاءات تعيد فسحة ــ ولو قليلة ــ من الأمل.