باريس | ما إن تتمشّى في شوارع باريس حتى تشدك الملصقات الإعلانية الخاصة بشهر رمضان. مواعيد الصلاة والإفطار، مروراً باللقاءات الثقافية والدينية، كلها تملأ جدران باريس وجاداتها وأنفاق المترو. اليوم، تعرض كثير من الأسواق كتباً دينية وسلعاً استهلاكية ترتبط بشهر الصوم، بعدما كان ذلك يقتصر على الأحياء ذات الكثافة العربية، وأشهرها سان دوني. حتى البرامج الإذاعية، بدأ بعضها بمواكبة الحدث الإسلامي. صحيح أنها ليست ظاهرة جديدة على المجتمع الفرنسي، لكنها تبدو أكثر وضوحاً وأكثر انتشاراً، في ظل وصول الاشتراكي فرنسوا هولاند إلى قصر الإليزيه.
في حديثها إلى إذاعة «أوروبا»، علقت مديرة «معهد ثقافات الإسلام» في باريس فيرونيك ريفيل على هذه الظاهرة بالقول: «قد ندهش بلافتة في المترو تقول لنا «رمضاناً سعيداً»، لكن التنوع الثقافي في فرنسا يعطي رمضان مكانه الذي يستحقه أمام مظاهر وطقوس الديانات الأخرى، كما أن للتنسيق بين المسلمين دوراً في هذا الشأن».
وإن كان هولاند قد راهن على الجالية العربية (وخصوصاً المغاربية منها) كورقة انتخابية رابحة في الانتخابات الرئاسية، فإن الإحصائيات تبيّن أن نسبة تصويت المسلمين تجاوزت 90 % لصالحه، لذلك لم يكن غريباً أن يستقبل في قصره في اليوم الأول من رمضان رئيس «المجلس الفرنسي للدين الإسلامي» محمد موساوي. وقد صرّح هذا الأخير بعد اللقاء: «الرئيس هولاند قادر على إحداث تغيير في ما يخص التعامل مع الإسلام في المجتمع، ونتمنى أن تبقى السلطات محايدة وبعيدة عن شؤون الإسلام في فرنسا، وتترك المسلمين ينظمون شؤونهم بمفردهم». وما حضور وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس حفل إفطار الجالية المسلمة، وتدشينه مسجداً في منطقة سارجي، إلا دليل على انتهاج الحكومة الحالية سياسة مغايرة في تعاطيها مع المسلمين، على عكس ما ساد خلال حكم نيكولا ساركوزي، الذي أعلن حرباً عليهم، بل اتخذهم شمّاعة علق عليها جميع مشاكل فرنسا، ويكفي هنا تذكّر قضية محمد مراح كمثال.
وبحسب دراسة حديثة قدمها «المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية»، فإن مظاهر العداء ضد المسلمين قد تراجعت كثيراً في المجتمع الفرنسي منذ تنحّي ساركوزي عن الحكم في أيار (مايو) الماضي، وتطمح غالبية المسلمين هنا إلى فتح صفحة جديدة اليوم.