تُرى، هل يتوجّبُ عليّ أن أَلزم الصمت؟
كلما قلتُ كلمةً في استنكارِ جريمةٍ، أو مذبحةٍ، أو وليمةِ عار، تنهالُ عليّ اللعناتُ والتهاني:
القَتَلةُ (القتلةُ الأكيدون، القتلةُ الواثقون من براءةِ أنفسهم، القتلةُ الذين يملكون جميع الوثائق السماوية والأرضية التي تؤكّد هذه البراءة) يحسبونني أَتّهِمُ أعداءَهم (أعداءهم «القتلةَ الافتراضيّـين»)!
والضحايا الأبرياء (الأبرياء حقاً، الأبرياء الضعفاء، الأبرياء العاجزون عن إثبات براءتهم) يحسبون أنني أُشيرُ إليهم، وأُحَمِّلهم أوزارَ المذابحِ والجرائمِ والكوابيس.
..
في مثل هذه الحالة، تصير أنتَ ( مِن موقعِ اتّهامِكَ للقاتل، والمستنكِر لجريمته) حليفاً للقاتلِ «الحقيقي» وشاهداً على براءته. وبالتالي، تصيرُ شاهدَ إثباتٍ على ما اقترفَهُ «البريء» من الجرائم.
ثمة مَن يسأل: «وأين العدالة؟!...».
العدالةُ (مثلها مثل التاريخ) يُحدِّدُ شرائعَها البارعون في صناعةِ الجريمة. والتاريخُ يكتبه الأُجَراءُ الصغار الذين يتسوّلون على أبوابِ مَن يحرزون النصر.
..
أنصحك (أنت الذي تتباهى بالقول: الساكتُ عن الحقّ شيطانٌ أخرس)... أنصحك:
أنْ تَلزمَ الصمت خيرٌ من أن تُرغَمَ على التزامِ الموت.
نعم؛ إخرسْ!
13/3/2015