«ما تهمتك؟ تهمتي فايسبوك» هذا ليس حواراً خيالياً بل قد يجري كل يوم خلف قضبان السعودية، حيث يتولّى «الأخ الأكبر» أمرك بمجرّد استخدام الـsocial media للاعتراض أو دعم الحرّيات، في ظل سلطة باتت تحصي حتى أنفاسك الالكترونية. قبل أيّام، أصدرت محكمة سعودية قراراتها ضد سبعة اتهموا بالتحريض على النظام على فايسبوك، ليزداد بذلك عدد معتقلي الرأي في المملكة من دون تسجيل أي اختراق في مجال تراجع الحريات الصحافية في البلاد. أحكام قاسية راوحت بين 5 و10 سنوات، ومنع من السفر وغيرها. اعتقلت قوات الأمن السعودية السبعة بين 23 و26 أيلول (سبتمبر) 2011، وبعد احتجازهم لمدة عام ونصف العام في سجن المباحث العامة، مثلوا أمام المحكمة الجزائية التي أنشئت في 2008 للتعامل مع قضايا الإرهاب. محاكمة وصفت بالسرية في 29 نيسان (أبريل) الماضي، في ظل قلق المنظمات الحقوقية من إمكان تعرّض المتهمين للتعذيب قبل المحاكمة لتوقيع اعترافاتهم بالقوّة. ودعت المنظمات إلى إلغاء المحكمة بسبب «افتقارها إلى النزاهة والاستقلالية»، وهو نهج تعتمده السعودية لاستهداف النشطاء وتوجيه ضربة قاسية للحقوقين والمطالبين باقرار قانون تشريعي واضح للمرافعة والدفاع عن المتهمين.
قد تثير الإتهامات الموّجهة إلى الناشطين السخرية في دولة غربية مثلاً، لكنّها حتماً مصدر للرعب في الدول العربية وخصوصاً الخليجية. دول أحاطت حرية التعبير بالعشرات من القوانين الرادعة لمن تسوّل له نفسه النطق أو محاولة الاعتراض، ووقّعت مواثيق دولية في مجالي حقوق الإنسان والحريات وتبرّأت منها على الأرض.
حكم المحكمة حمل دليل اتهام وحيداً ضد المعتقلين السبعة وهو «الانضمام إلى صفحتي «حركة شباب 4 مارس الأحسائية» و«أحرار الأحساء»» الفايسبوكيتين اللتين أنشئتا بداية 2011 بعد اعتقال السلطات رجل الدين توفيق العامر الذي دعا علناً لإقامة ملكية دستورية في منطقة الأحساء (شرق). إذاً في أرض الحرمين الشريفين، يمنع «إنتاج مواد على شبكة الإنترنت من شأنها المساس بالنظام العام» وفق المادة السادسة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، وهو ما استند عليه القاضي في حكمه إلى جانب الشريعة الإسلامية. حكم رفضته منظمة «هيومن رايتس ووتش» في بيانها الأخير، مطالبة السعودية بالتزام المواثيق الدولية التي تحظّر تجريم التعبير السلمي والحق في حرية الرأي ونقل الأخبار، مستنكرة تجاهل المحكمة أقوال المتهمين حول تعرضهم للتعذيب لإنتزاع اعترافاتهم. رعب المملكة من استخدام مواقع التواصل الإجتماعي صار جليّاً، خصوصاً في ظل تجنيد جيش من شيوخها المتشددين لإصدار فتاوى التحريم!