«لن أعيش في بلد تكلّف فيه طبخة الخضر 2000 ليرة سورية!». يصرخ هتلر في إحدى الصور المفبركة رافضاً الإقامة في دمشق هذه الأيام. هكذا سخر السوريون من غلاء الأسعار الفاحش الذي يضرب أسواقهم، وأزمة المواد الغذائية التي بدأت تلوح في الأفق، فيما قرر روّاد الفايسبوك في الأيام الأخيرة تحويل الصفحات الافتراضية إلى منبر يفيض بشتى أنواع الطرائف المستوحاة من ارتفاع سعر الدولار الأميركي المتزايد بالنسبة إلى سعر الليرة السورية. ورغم أنّ الخبر يبشّر ضمنياً بكارثة اقتصادية لم تشهد البلاد مثيلاً لها منذ أكثر من ثلاثة عقود، إلا أن تعليقات الجمهور السوري على مواقع التواصل الاجتماعي تعاطت مع الخبر على طريقة الكوميديا السوداء. أسلوب اعتاده هؤلاء منذ تدهور الأحوال في بلادهم، لا سيما أنّ سعر الدولار تجاوز في الساعات الأخيرة كل الأسعار التي وصل إليها منذ اندلاع الأزمة مسجلاً 225 ليرة. فهل ما يحصل هو تهاو أخير لليرة السورية أم أنّها لعبة تجّار الأموال المعتادة في هذه الظروف؟ وهل سيتدخل حاكم مصرف دمشق المركزي أديب ميالة ليخرج «الزير من البير» وفق تعبير أحد المعلقين الافتراضيين؟ كل تلك الأسئلة أجاب عنها الفنانون والناشطون السوريون من خلال صفحاتهم الافتراضية. والبداية كانت مع الممثلة الشابة نسرين فندي التي حكت لأصدقائها عن نصف الدولار الوحيد الذي تملكه مذ كانت في مرحلة التعليم الإعدادي، وهو نصف الورقة النقدية التي تقاسمتها مع صديقتها وفاء للذكرى وكتبت عليها (وفاء +نسرين= صداقة للأبد)، فيما سخر المخرج السوري المقيم في ألمانيا عمار يازجي من الأمر ذاته فكتب: «إن بقي الدولار على هذه الحال فتأكدوا أنّه سيصبح مليارديراً سورياً». أما السيناريست فؤاد حميرة، فقد عاد بسخريته المعتادة لينال من خطاب فضائيات النظام في بدايات الأزمة، عندما كانت تطبّل وتزمّر ليلاً نهاراً لمقولة «سوريا بخير». كتب صاحب «غزلان في غابة الذئاب» قائلاً: «لا تقلقوا الدولار بخير»، في حين علّق الإعلامي عقبة الناعم ورقة نعوة رسمية باسم البنوك والمصارف الحكومية والخاصة في سوريا وهي تلطم على الليرة! وربط البعض موسم الامتحانات الحالي بارتفاع الدولار وتنبأ له بدخول فرع الطب البشري كون هذا الفرع يحتاج إلى أعلى المعدلات.
أما النجمة شكران مرتجى فكتبت على صفحتها مؤكدةً: «حتماً عندما يرخص الإنسان في بلادي سيرتفع سعر الدولار!» مقابل ارتفاع أصوات بعض المعارضين منددين بحالة الشماتة التي تصاعدت تدريجاً، مذكرين بأنّ الليرة التي تنهار اليوم «هي عملة البلد العريق وانعكاس لاقتصاده المتدهور اليوم». على الطرف الآخر، أطلق بعض السوريين فيضاً من المشاعر تجاه الليرة التي اعتادوا في صغرهم تسلمها من آبائهم كمصروف يومي، مطلقين وعوداً لبقاء هذه العملة ممثلةً للشعب السوري، فيما قاد آخرون حملات لدعم العملة الوطنية، في الوقت الذي استنكر فيه البعض الآخر تصريح أديب ميالة وسياسة إطفاء الحرائق التي اعتاد رجال الاقتصاد اعتمادها لدى كل انخفاض في قيمة الليرة.