القاهرة | لم يلتفت كثيرون إلى أنّ كريس ستون (الصورة) الذي طعنه عاطل من العمل قرب السفارة الأميركية في «غاردن سيتي‏» في القاهرة قبل أيام، هو ناقد أدبي مشهور في الأوساط الأكاديمية، وأستاذ اللغة العربية في جامعة «سيتي» في نيويورك، ورئيس البرنامج العربي في كلية «هانتر». أورد الإعلام المصري الخبر بأنّ مجهولاً يحمل سكيناً طعن ستون في رقبته، معرّفاً الأخير بأنّه شخص يحمل جواز سفر أميركياً.
وتابع الخبر قائلاً إنّ رجال الأمن المكلفين تأمين السفارة قبضوا على الجاني الذي وصفته السلطات الأمنية بـ«المخبول».‏ وكان ستون قد أجرى جراحة في «مستشفى القصر العيني»، وباتت حالته شبه مستقرة على حدّ وصف الأطباء.
لكن أخيراً، تعالت أصوات المثقفين، وخصوصاً المقرّبين من ستون الذين يعرفونه على المستوى الشخصي، والذين أدانوا الجريمة، أولهم خالد فهمي رئيس قسم التاريخ في «الجامعة الأميركية في القاهرة»، وهيثم الحاج علي مدرس الأدب الحديث في «جامعة حلوان». وقال الأخير: «إنّنا نقتل أصدقاءنا ونصادق أعداءنا»، مشيراً إلى أن الطعنة في رقبة كريس «طعنة لتاريخنا وقضيتنا». أما سيد ضيف الله، مدرس الأدب الحديث في «الجامعة الأميركية في القاهرة»، فقد أوضح أنّ «مصر الإخوان» تطعن كريس مثلما طعنت «مصر مبارك» نجيب محفوظ في رقبته.
وأضاف ضيف الله في برقية أرسلها أخيراً إلى ستون أنّ «الطعن في الرقبة رسالة وصلت كاملة، وفحواها سياسي سطحي، لكنّها في العمق رسالة كراهية دفينة غذّاها نظام مبارك ويغذيها نظام مرسي». وتابع: «حالةٌ من الخبل أصابت طاعن كريس، هكذا يريدوننا أن نصدق أنّ الكراهية لا تصدر إلا عن مخبول، غير متزن نفسياً». ولفت ضيف الله إلى «أنّ طاعن كريس لم يسأله إلا عن هويته، فقال له إنه أميركي، وهذا كان كافياً للطعن في مصر الإخوان. ويبدو أن هذا هو التطور من مصر مبارك إلى مصر الجديدة. ثمة مساحة من التغيير والتحول؛ فمحفوظ طُعن في رقبته من دون سؤال عن الهوية، وفرج فودة قُتل من دون سؤال عن هوية، لكنهما تعرضا لذلك من أجل الهوية. الآن، كريس لم يعرفه مثقفو مصر، بل عرفه بلطجيتها ومخبولوها، فسألوه عن الهوية فكان جزاءَه الطعنُ في الرقبة! هذا هو الاختلاف بين مصر مبارك ومصر مرسي. المخبولون والبلطجية سادة مصر الإخوان، وعقلاء مصر عبيدها». وأكّدت البرقية أنّ «العقلاء في مصر بدأت تحصدهم طعناتٌ شتى، فعلى من الدور غداً؟! الطعنات في الرقبة صريحةٌ واضحةٌ يصوّبها المخبولون بدقة متناهية، وجرأة مذهلة، من دون ارتعاشة يد، أو خفقة قلب. من أين أتوا بكل هذا الميراث من الخبل؟!». في السياق عينه، أوضحت «الجامعة الأميركية في القاهرة» أنّ ستون كان في إجازة من جامعة «سيتي» لإجراء أبحاث علمية، وأن الشخص الذي اعتدى عليه محتجزٌ من قبل السلطات المصرية وأن الجامعة والسفارة الأميركيتين تتواصلان مع السلطات لمعرفة نتائج التحقيق.