كلّهم هنا على المنصّة، وسط غابة من المصوّرين، كأن الزمن تحجّر في صورة تعود إلى العام الماضي أو ربّما قبله.… فادي عبّود وزير الحمّص، غابي ليّون وزير بيع الذاكرة، محمد بعلبكي فرعون الصحافة. ناقص النقيب ملحم كرم رحمه الله كي تكتمل الصورة. في الماضي كنّا إذا سمعنا طارق متري نتعلّم شيئاً، وإذا سمعنا تمام سلام نحلش شعرنا، وإذا سمعنا سليم وردي نعطش للنبيذ، وإذا سمعنا إيلي ماروني نضحك من كلّ قلبنا ونعد المرّات التي سيقول فيها «لبننة».
أما الوزيران البرتقاليّان فلا يتركان لنا حتى فرصة الضحك أو الغضب، فلنستسلم لذلك الضجر «الأرثوذكسي» اللذيذ، على وقع كلمات مكرورة عن انتصار لبنان الحضارة والثقافة (والخدمات؟)، ولننسَ الشير العظيم الذي نرقص على حافته. «لبنان أكتر بلد معولم بالعالم» سيقول وزير السياحة بعد قليل بفخر، قبل أن يترجم مصطلح «معولم» للمستشرقين بيننا بـ Cosmopolitan. حبذا لو أزيحت ستائر الصالة الزجاجيّة كي يتفرّج الناس على هذا السيرك، وهم يعبرون في شارع الحمرا إلى مصائرهم القاتمة… لكن الناس لديهم مشاغل أخرى غير «تمسّك لبنان برسالته الحضاريّة».
وفي هذا الجوّ على نورا جنبلاط أن تقدّم بهدوئها الارستقراطي، برنامج الدورة الثامنة والعشرين من «مهرجانات بيت الدين الدوليّة»(٢١ يونيو -١٠ أغسطس). العرض الافتتاحي (٢١ - ٢٢/ ٦) الذي تنتجه «بيت الدين» كما فهمنا من الست نورا، ذو تركيبة غامضة تجمع الموسيقي اليوناني كرياكوس كالايدزيديس المتخصص في الموسيقى البيزنطية القديمة، والمدير الفنّي السويسري الفرنسي آلان فيبير الذي تربطه قصّة قديمة بالشرق، ومجموعة من الفنانين المحليين (الممثل رفيق علي أحمد، الموسيقي شربل روحانا، المغنية عبير نعمة، الفيلهارمونيّة اللبنانيّة بقيادة لبنان بعلبكي) والأجانب (كازخستان، إيطاليا، إيران، الهند، منغوليا…). كل هؤلاء سيروون لنا قصّة الرحالة ماركو بولو «على طريق الحرير» التي بدأها كالايدزيديس ضمن مشروع مشابه في هونغ كونغ. يأتي بعدها SPLENDID (٢٦ - ٢٧/ ٦) وهو عرض مذهل تقدّمه «فرقة الصين الوطنيّة للألعاب البهلوانيّة» . ويعود إلى بيت الدين المغنّي العراقي كاظم الساهر مغنياً نزار قبّاني (٤ - ٥/ ٧)، إنّه الجوكر الرابح في زمن الشدائد. مفاجأة البرنامج، موعد مع الجاز المطعّم بالسول من خلال عناق أسطورتين: المغنية دي دي بريدجووتر وعازف البيانو رمزي لويس (١٧/ ٧). وسيكون الجمهور على موعد مع «أصداء من سوريا»: الموسيقى القديمة والتراثيّة والمدينيّة والتجريبيّة مع كنان العظمة وإبراهيم كيفو ورشا رزق (١٩/ ٧). الرقص المعاصر يتمثّل بأحدث أعمال الفرنسي أنجولان بريلجوكاج «الليالي» (١/ ٨). صاحب «روميو وجولييت» و«طائر النار» و«بلانش نيج» الذي يعتبر من أبرز مصمّمي الرقص المعاصر اليوم، يعود إلى الشرق مع «ألف ليلة وليلة»، من خلال صورة المرأة، وذلك برفقة ناتاشا أطلس (المغنية)، ومعزّ الدين عليّا (مصمم الأزياء المعروف). ومسك الختام المغنية الفرنسيّة باتريسيا كاس التي تستعيد عندنا التحيّة التي وجّهتها إلى المعلّمة إديت بياف في خمسينيّتها (٢٠٠٢)، بالاشتراك مع المؤلّف الموسيقي أبل كورزينوفسكي (١٠/ ٨). يبقى أن نشير إلى معرض استعادي عن حياة وأعمال السينمائي الراحل مارون بغدادي بالاشتراك مع «نادي لكلّ الناس» ومؤسسة «لينان سينما»، ومعرض لمنحوتات الفنان أناشار بصبوص.
المدير(ة) العام (ة) لوزارة السياحة منى السردوك قالت في تقديمها إن «بيت الدين» هي السنونوّة التي تعلن عن ربيع مهرجانات الصيف في لبنان. سنونوة واحدة بإمكانها أن تصنع الربيع؟

يمكنكم متابعة بيار أبي صعب عبر تويتر | PierreABISAAB@