بعد شيوع خبر أداء Guns’n roses للنشيد الوطني الإسرائيلي في تل أبيب في تموز (يوليو) الماضي وانتشار دعوة «حملة مقاطعة داعمي إسرائيل» (PACBI) إلى مقاطعة حفلة الفرقة الأميركية في «فوروم دو بيروت»، عمد صاحب ومؤسس «راديو بيروت» (الأخبار 23/3/2013) جهاد سمحات إلى نزع الملصق الترويجي للحفلة عن واجهة المقهى الذي يملكه ومقاطعة الحفلة. ورغم أنّه من محبّي الفرقة، إلا أنّه رأى أنّ الأمر «تخطى العزف في كيان الاحتلال إلى دعمه مباشرة». وما هي إلا أيام قليلة حتى تلقى سمحات اتصالاً من أحد الوسطاء مع شركة JK58 المنظمة لحفلة فرقة الروك الشهيرة، عارضاً عليه استضافة بعض أعضاء الفرقة «الذين ما زالوا في بيروت» للغناء في مقهى «راديو بيروت». بعد انتهاء الحفلة في 30 آذار (مارس) الماضي، غادر نصف أعضاء الفرقة لبنان، فيما قرر بعضهم البقاء، من بينهم عازف البايس طومي ستيمسون. تلقى سمحات عرضاً ليقدم من بقي من أعضاء الفرقة عرضاً موسيقياً الثلاثاء الماضي، وهو اليوم الذي يخصّصه «راديو بيروت» للارتجال الحرّ. وتتضمن المبادرة إجراء مقابلة مع أعضاء الفرقة، تُبثّ مباشرة على موقع الراديو الإلكتروني، كما يجري عادة مع الفرق المحلية التي تستضيفها خشبة الراديو الصغيرة. لكن هذه المرة الأمر مختلف! الفرقة عالمية، أي إنّ الراديو سيتمكن من التسويق لنفسه، وخصوصاً أنّه حديث الولادة. فكّر سمحات باستضافة الفرقة ومناقشتها في واقعة تل أبيب، ولكنه سرعان ما تذكر الأجوبة الجاهزة نفسها، ونغمة «المحبة والسلام والانفتاح والتسامح وحوار الفن والموسيقى»، قبل أن تلمع في رأسه صور الاحتلال والمجازر والتهجير والاستيطان والقتل اليومي...
نشأ جهاد سمحات (1977) في الولايات المتحدة الأميركية، وعشق موسيقى الروك باكراً ولا يزال، من دون أن ينسيه ذلك الاحتلال الإسرائيلي لبلدته الجنوبية عيناتا. حضر الشاب الذي يعمل في نزع الألغام حفلة «ريد هوت تشيلي بيبرز» الأخيرة في بيروت، حاملاً مع أصدقائه لافتة طويلة كتب عليها عبارة مقتبسة من أغنية للفرقة: Fight like a brave, don’t be a slave don’t play in T.A، أي «حارب كالشجاع، لا تكن عبداً، لا تعزف في تل أبيب». اتصل سمحات بشركة JK58 ليبلغها باعتذاره عن عدم «العرض»، فردّت الموظفة عليه قائلة: «لكنهم غنّوا النشيد الوطني اللبناني في بيروت». كلامها عن «المعاملة بالمثل» لم يؤثر في سمحات الذي كرّر اعتذاره وتمنّى على الموظفة أن تبلغ أعضاء الفرقة سبب الرفض الحقيقي، لكنّها اعتذرت بدورها. طبعاً، فربّما كان ذلك مؤثّراً على سمعة لبنان «الكول».
موقف سمحات عرّضه لهجوم شرس شنّه أحد المدونين الشباب عليه، وآخرون عبر صفحة «راديو بيروت» على فايسبوك. رأى البعض أنّ الراديو سمح برفضه «للسياسة أن تورطه في موقف غبي وعنصري»، مخالف للمبدأ الذي نشأ على أساسه: «الترحيب بكل محبي الموسيقى». لكن يبدو أن شيئاً لن يبعد سمحات عن قناعاته!