في إحدى ليالي الأسبوع الماضي، تعرّضت فتاة مصرية للتحرّش وهي تقود سيّارتها على أحد جسور القاهرة، فما كان منها إلا أن صوّرت لوحة سيّارة «الراجل المحترم» ونشرتها على النت فور وصولها إلى المنزل. هكذا ولدت صفحة «افضح متحرّش ــ السجلّ الشعبي للمتحرشين» على فايسبوك يوم الخميس الماضي للتأكيد أنّ التحرّش «مش مرتبط بسن، أو بوضع اجتماعي أو اقتصادي أو ثقافي»، وفق ما تقول إحدى القيّمات على الصفحة لـ«الأخبار». وتضيف الشابة المصرية التي رفضت الكشف عن اسمها أنّ الصورة حصدت نحو 550 ألف مشاركة خلال ثلاثة أيّام فقط، الأمر الذي شكّل صدمة حقيقية! أصيب المتحرّش «المعروف بتديّنه» بإحراج كبير حين وصلت الصورة إلى أقاربه وأصدقائه الذين اتهموا الصفحة بـ«الكذب والافتراء»، فحاول الاعتذار قبل أن يتراجع لأنّه «ربّما شعر بأنّ ذلك سيشكّل دليلاً ضدّه، وهدّدنا باللجوء إلى القضاء»، تقول الشابة.
«قررت أن أفضح كل متحرش لا عارفة أمسكه ولا أضربه ولا أبلّغ عنه! كل مرّة يلوذ بالفرار بعد أن ينتهك جسدي وكرامتي وحريتي... لا! الصفحة دي سجلّ لكل متحرش، واللي راضي ينتهك حريتي، يفضح نفسه!». بهذه الكلمات عرّفت صاحبة الفكرة روّاد الفايسبوك بمبادرتها التي حصدت أكثر من 9500 معجب في غضون خمسة أيّام. هنا لا بد من الإشارة إلى أهمية الرقم المذكور؛ لأنّ صفحة «خريطة التحرّش الجنسي» (HarrasMap) التي تأسست عام 2011 لـ«الإبلاغ عن حوادث التحرش عبر الخريطة، من خلال شبكة الإنترنت، والرسائل النصية القصيرة على الهواتف المحمولة» لا يتعدى عدد المعجبين بها الـ 11,200.
وتؤكد الشابة أنّه قد يجري «التشبيك» بين مختلف الصفحات المعنية بالتحرّش مثل «خريطة التحرّش الجنسي» و«امسك متحرّش»، فضلاً عن أخرى معنية بالمخالفات المرورية والاتصالات لـ«تسهيل عملية رصد كل التجاوزات».
تتميّز الصفحة الجديدة بإمكانية توثيق عمليات التحرّش من خلال نشر صور أو مقاطع فيديو أو رصد حسابات فايسبوكية استخدمها أصحابها لهذه الغاية. ودعت الصفحة إلى التبليغ عن الحالات التي تحدث عبر الهاتف من خلال نشر أرقام الهواتف وصور عن الرسائل النصية وتسجيل المكالمات «إذا أمكن». ولأنّ الشابات يدركن صعوبة المهمّة، طلبن أيضاً من أي شخص يرى عملية تحرّش أن يوثّقها: «غالباً ما يستحيل على الشخص إثبات التحرّش الذي يتعرّض له شخصياً».
في مقابل الرواج الذي لاقته، اصطدمت الصفحة بانتقادات لإمكان نشر معلومات أو صور مزيّفة قد تعرّضها للمساءلة القانونية. غير أنّ القائمات عليها يعتبرن أن التحرّش «هو الحاجة الوحيدة اللي صعب إثباتها»، مشددات على ضرورة «التصدي للجريمة». وتشير هؤلاء إلى أنّ الخطوة هي بمثابة «إحراج للسلطات الرسمية، علشان تعرف إنّ الناس عرفت تعمل اللي هي ما عملتوش». (رابط الصفحة)