أبداً
لستُ واحداً من أولئكَ الذين يجرؤون على الإدّعاء
أنّ لحومَهم مُرّةٌ وغيرُ صالحةٍ للأكل.
أنا، كما لا يخفى على أحد،
شخصٌ خائفٌ وضعيفْ:
أنا شيءٌ يُؤكَل.

الآن، أكثرَ من أيّ وقتٍ مضى،
أشعرُ أنني في حاجةٍ إلى حمايةِ نفسي.
إليكم ما أفكرُ فيه:
سأُمضي ما بقيَ من أيامِ حياتي جالساً هناك،
في ذلك الركنِ الداكنِ والقَصِيّ من ميدانِ اللعبةْ.
سأُغمِضُ عينيّ وفمي وحواسي
كشحّاذٍ هَرِمٍ يُشَمِّسُ عظامَهُ في العتمةْ.
سأترك الغبارَ يحطُّ عليّ
كما لو أنني فزّاعةٌ يابسة تحرسُ حقلَ غبارٍ يابسْ.
لن أَنْفضَ شيئاً. لن أنفخَ على شيء. لن أتذمّرَ. لن أيأس. لن أحلمَ. لن أكشَّ ذبابةً. لن أنتفضَ مبهوراً برؤيةِ عصفورٍ يحطُّ على كتفي أو على رأسي. لن أشهقَ وأزْفر إلاّ بمقدارِ ما يلزمُ لمتورّطٍ في الحياة لا جَلَدَ له على مغادرةِ الحياة.
ثم أُدَلّي ذراعيّ ورأسي إلى تحت كما يفعلُ ميْتٌ حقيقيّ :
سأجعلُ نفسي ميتاً.

بهذه الطريقة،
بهذه الطريقةِ غيرِ المسبوقة في فرادتها وعبقريتها،
سأشعرُ أنني تَدَبّرتُ فرصتي المثاليّةَ للنجاةْ،
لأنني أعرف أنّ أعدائي،
أعدائيَ المؤمنين الصالحين،
أعدائي الذين لم أجرؤ على تكذيبهم لمرّةٍ واحدةٍ في حياتي،
أعدائي غير الجديرين بالتصديق أبداً ،
لا يحبّون أكلَ لحومِ الأموات.
4/2/2011