القاهرة | يمثل الروائي المصري يوسف زيدان (1958) اليوم أمام «نيابة أمن الدولة العليا» في القاهرة للتحقيق معه في البلاغ الذي قدّمه ضده عام 2010 كل من عضو «الاتحاد الدولي للمحامين في باريس» ممدوح نخلة، ومستشار الكنيسة و«رئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان» نجيب جبرائيل بتهمة «ازدراء الأديان». ويأتي ذلك على خلفية تصريحات أدلى بها صاحب «بوكر» خلال ندوة نظّمتها صحيفة «اليوم السابع» وأجاب فيها على أسئلة القراء. ورغم مرور ثلاث سنوات على تقديم البلاغ، إلا أنّ الخطاب الذي أرسلته النيابة لصاحب «عزازيل» مساء الأحد الماضي تضمّن عبارة «مع اعتبار الأمر هاماً جداً وعاجلًا». وكان زيدان قد قال في الندوة إنّ «العصور التي سبقت مجيء عمرو بن العاص إلى مصر كانت أكثر ظلاماً وقسوة على المسيحيين»، وأضاف أنّ «ما يُلقّن للأطفال في مدارس الأحد، ويُحشى في أدمغة القاصرين ما هو إلا أوهام وضلالات تجعلهم في عزلة عن المجتمع». وأشار الكاتب الذي درس الفلسفة في «جامعة الإسكندرية» إلى أنّ الاقتناع بهبوط الله لإنقاذ البشرية هو «معتقد أسطوري»، ما أثار حفيظة الكنيسة التي اعتبرت كلامه «إساءة بحق العقيدة».وفيما أعلن صاحب «ظل الأفعى» تسلمه الاستدعاء عبر صفحته الخاصة على «فايسبوك»، شدد زيدان على أنّه «لا علم لي الآن بأي تفاصيل أو تجاوزات فى حق أمن الدولة العليا»، مضيفاً «أنّني كنت أتابع تفاصيل القضية عبر وسائل الإعلام».
وهذه ليست المرّة الأولى التي يتعرّض فيها المتخصص في التراث العربي المخطوط وعلومه لانتقادات من هذا النوع. منذ صدور روايته «عزازيل» (2008) الحائزة جائزة «بوكر» العربية عام 2009 بدأت الخلافات مع الكنيسة. أشار البعض إلى تأثر زيدان بكتاب «شيفرة دافينشي» للأميركي دان براون. هذا الإشكال مع الكنيسة انتقل من صفحات الجرائد إلى قاعات المحاكم. بدوره، رفع زيدان دعوى «قذف وسبّ» ضد القمص (كبير القساوسة) عبد المسيح بسيط الذي اتهم الكاتب بالإلحاد في أحد الحوارات الصحافية، علماً أن بسيط هو نفسه مؤلف «عزازيل جهل بالتاريخ أم تزوير للتاريخ؟». وكان قد سبقه يومها الأنبا بيشوي سكرتير «المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية» إلى إصدار بيان يتهم زيدان بالإساءة إلى المسيحية، كما نشر كتاباً بعنوان «الرد على البهتان» رداً على «عزازيل» التي تناولت الخلافات اللاهوتية المسيحية القديمة حول المسيح ومريم. ولم ينته الأمر عند هذا الحد. شن قساوسة الكنيسة الأرثوذكسية هجوماً على زيدان، ووصفه القمص صليب متى ساويرس بـ«الحية» التي «تبث السموم»، واصفاً أفكاره بأنّها «مجرد تخيّلات غرضها استفزاز المسيحيين، والإساءة للدين». ويبدو أن الكنيسة تسير في هذه القضية مسار باقي التيارات الدينية المتصارعة في مصر اليوم التي تلاحق بعض المفكرين والمبدعين بتهمة «ازدراء الأديان».