إذا كانت أرضُ الناس (حسبما يزعمُ الكهنةُ واللصوص)
قد صارت حقّاً قريةً واحدةً ومنزلاً واحداً،
فلماذا إذنْ، كلّما تَوَهّموا أنهم يـَـتَقاربون،
تَتناءى الحصونُ والمقابر
وتَكثرُ على ألسنةِ الناسِ، وفي قلوبهم،
كلمةُ: «وداعاً!»؟...
3/2/2016

ذاتَ يومٍ، إذا...
«إلى جميعِ مُهَجَّري الأرض...»

خرجوا جميعاً (جميعاً إلاّ أقلّهم)
حاملينَ حياتَهم وأمتعةَ يأسِهم
في أكياسٍ, وصُرَرٍ, وصناديقِ "عَتائقْ".
خرجوا جميعاً جميعاً, إلاّ أقلّهم (اللصوص, ومَن بقيَ لاستكمالِ وظائفِ الموتِ والجنون).
جميعاً... جميعاً.
على شفاههم المزْرَقَّةِ من القنوطِ وعارِ الأمل
تَتَكسّرُ الأحرفُ الشاهقةُ لكلمةِ "السلام",
ومِن أحداقهم (رغمَ كلِّ ما حاولوهُ من الشجاعةِ والمكابرةْ)
تَسيلُ جداولُ الخيباتِ المالحةْ.
.. .. ..
ذاتَ يومٍ, إذا حلّ السلامُ وعادت البلادُ بلاداً؛
ذاتَ يومٍ لن يَشهدوه, وبلادٍ لن يروها؛
ذاتَ يومٍ ليس في حسابِ الأزمنةِ, والأمكنةِ, وقواميسِ الفجائع؛
ذات يومٍ مُدَوَّنٍ في سجلاّتِ أحلامِهم
سيعودون جميعاً.. جميعاً
إلى البلاد التي تَنَكّرتْ لهم ولَوَّعتْهم,
والترابِ الذي نسيَ بصماتِ أقدامِهم وأختامَ قلوبِهم,
والأصحابِ الذين خذلوهم وسبقوهم إلى ديارِ زوالِهم.
سيعودونَ (جميعاً وجميعاً، إلاّ أقلّهم)
محشورين (مثلَ «بالاتِ» المتَصَدِّقين ومُتَبَرِّعي الصليبِ الأحمر)
في أكياسٍ وصناديقَ مُرَقَّمةٍ,
مختومةٍ، ومعَـقَّمةٍ من فيروساتِ الهلعِ, واليأسِ, والحنين.
سيعودون إلى مساقِطِ جثامينِهم.
سيعودون إلى "مَحَجّاتِ" عذابِهم وكهوفِ بطاركتِهم.
سيعودون مفتونين بهدايا العدمْ.
سيعودون.. لملاقاةِ العدمْ.
سيعودُ العدمْ.
ذاتَ يومْ...
ذاتَ يومٍ, إذا...
ذاتَ يومٍ
إذا تَعِـبَتْ ماكينةُ الحرب
وتفتّحتْ زهرةُ السلام.
3/2/2016