على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

ليس هناك من درج علمي للشهرة في لبنان. هناك معايير واعتبارات شخصيّة وطائفيّة للترويج لهذا أو ذاك. جريدة «النهار» لعبت دوراً هائلاً في تعظيم أمثال شارل مالك وجعلت من فيليب سالم نابغة عصره وأنه دائماً على وشك «اختراع دواء للسرطان». جورج صليبا ليس شهيراً في لبنان لأنّه عالم جدّي فذّ واختصّ في تاريخ العلوم عند العرب. هناك عالم فذّ أعرفه في كليّة الطبّ في جامعة هارفرد وهو غير معروف في لبنان. كلّما زادت الشهرة قلّت الفذاذة في لبنان، والعكس صحيح. أسامة الخالدي كان عالماً فذّاً في الجامعة الأميركيّة في بيروت لكنّ العداء لعروبته وجنسيّته عزله. (تمّ تكريم الخالدي أخيراً في الأردن وليس في لبنان من قبل «مركز الحسين للسرطان»، الذي كان من مؤسّسيه، وهو المولود في القدس لعنبرة سلام). جورج صليبا نجم على الإنترنت هذه الأيّام. أعطى مقابلة مع بودكاست سعودي عن الحضارة العربية وحصلت المقابلة على أكثر من ثلاثة ملايين ونصف مليون مشاهدة في غضون أسابيع (الرابط على موقعنا). هناك مَن ينشر نقداً مهماً للاستشراق مثل إدوار سعيد. أعمال جورج صليبا في حدّ ذاتها هي دحض مباشر لمفاهيم وفرضيّات الاستشراق. كانت فرضيّات الاستشراق اللبناني في الجامعة الأميركيّة من قبل ماجد فخري وشارل مالك (والأوّل تلميذ الثاني)، تنفي أي جدّة وابتكار عن العرب والمسلمين في مجال الفلسفة والعلم. كرّروا نفس مقولات الاستشراق التقليدي عن أنّ العرب مجرّد مترجمين وناقلين للحضارة اليونانيّة. جورج صليبا في كتاباته عن تاريخ العلوم في الحضارة العربية يكشف دور إسهامات العرب والمسلمين المبتكرة (الكتاب المرجع له «العِلم الإسلامي وصنع النهضة الأوروبيّة» وقد تُرجم الكتاب إلى لغات عدّة، وقد نشرت جامعة البلمند كتابه «الفكر العلمي العربي» في عام 1998). المذهل في عرض صليبا (في الكتابة والحديث) هو سعة معرفته وقدرته على إيصال الفكرة بسلاسة وبلاغة وثقة. قوّته في علمه ومعرفته وتمكّنه من لغات عدّة. وصليبا عمل لعقود في جامعة كولومبيا (قبل أن يعود إلى لبنان) وخرّج أجيالاً هناك وواجه الصهاينة فيها بشجاعة وصلابة.

0 تعليق

التعليقات