على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

إلياس جرادة يستجيب لاستدعاء البطريرك ويحضر، مثله مثل نوّاب القوّات والكتائب والتيّار، حفلة روحيّة. تراه في الصورة بجانب نعمة أفرام وهو يمارس الرياضة الروحيّة. طبعاً، تستطيع أن تتعجّب كيف أنّ رجلاً من خلفيّة يساريّة يستجيب، وهو في الحقل العام، لاستدعاء من زعيم السلطة الدينيّة للمسيحيّين. أتخيّل نفسي وأنا، مثلاً، أقبل استدعاءً من المفتي قبلان فقط لأنّه يرأس السلطة الدينيّة للطائفة التي ولدتُ فيها. لا غرابة في حضور باقي النوّاب طبعاً، لكن هذا نائب من خلفيّة ماديّة تاريخيّة ماركسيّة. ألم يعلق شيء من فكر ماركس ولينين؟ سينتيا زرازير (اليمينيّة الداعية لإبادة الشعب السوري برمّته، مع أنّها اعتذرت عن التعميم، أي أنّها تدعو لإبادة بعض الشعب السوري وليس كلّه) رفضت دعوة البطريرك. وصورة النواب الطائفيّين (بأجمعهم) تحت صورة سيّدة حريصا تختصر ضعف النائب أمام سطوة رجل الدين. وفي اليوم نفسه، ذهب إبراهيم منيمنة وزارَ مفتي الطائفة التي ولد فيها وهنّأه على شهر رمضان وبحث معه في شؤون أموال الجمعيّات المُحتجزة في المصارف. أي أنّ منيمنة (خرّيج «بيروت مدينتي» وهو تجمّع قيل لنا إنّه مدني) رفعَ من مرتبة المفتي وجعل موقعه سياسياً واقتصادياً وروحيّاً، طبعاً. الروح تطغى عند نوّاب التغيير اليساريّين والمدنيّين على حدّ سواء. ما اعتبار المثقّف أو الناشط المدني الذي يصرّ على تقديم واجب الطاعة لرأس السلطة الدينيّة للطائفة التي وُلد فيها؟ أي علاقة بين شخص مدني ورجل الدين تبطل زعم المدنيّة للشخص، علمانياً كان أم دينيّاً في معتقداته. صورة اليساري جرادة بليغة عن مسار الشيوعية العربيّة. قبل أيّام نشر منير بركات (قيادي سابق في الحزب الشيوعي اللبناني) مديحة تبجيليّة في شخص وليد جنبلاط. هناك مشكلة عويصة في الحركة الشيوعيّة العربيّة، ومن مشاكلها غياب التثقيف وخصوصاً في تلقين الفكر غير الغيبي. الشيوعيّة العربيّة أرادت أن تتصالح مع الدين خوفاً من العامّة، فما كان منها إلاّ أن تصالحت مع السلطات الدينيّة الرجعيّة من كل الطوائف (راجعوا صورة جورج حاوي في قسم الصور في مذكّرات بولس نعمان).

0 تعليق

التعليقات