على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

في الذكرى الثالثة والأربعين لإعدام دعاة «حزب الدعوة» في العراق من قبل نظام صدّام حسين، أصدر نوري المالكي بياناً عرمرميّاً يعيد فيه التأكيد على صوابيّة قرار اجتثاث حزب البعث والإصرار على تجريمه أبديّاً من العراق. هذه الصوابيّة الجامدة غير مفهومة وخصوصاً أنّ اجتثاث البعث كانت له آثار كارثيّة على الدولة والمجتمع، وأمعنَ في زيادة الشروخ الطائفيّة. «حزب الدعوة» كان واحداً من أحزاب المعارضة العراقيّة وكانت له مشروعيّة عند قسم من العراقيّين لكنه دخلَ بعد عام 2003 في المجلس الاحتلالي لبول بريمر واصطبغ بصبغة منظومة الاحتلال التي دمّرت الدولة والمجتمع في العراق. صحيح أنّ نوري المالكي لبس ثوب الممانعة والمقاومة بعد خروجه من الحكم، لكنّه كان ــ في الحكم ــ صنيعة جورج بوش. كان يعقد بوش معه حلقة أسبوعيّة يراجع معه فيها قراراتِه ويعطيه أوامره للأسبوع المقبل. وقرار اجتثاث البعث لم يكن قراراً عراقيّاً بل كان أميركيّاً. هو نبتَ في اجتماعات بين المحافظ الجديد، بول وولفوزيتز، وصديقه المحافظ الجديد، كنعان مكيّة. فكرة مساواة حزب البعث بالنازية كانت من بنات أفكار مكيّة وصهاينة واشنطن (دأب الصهاينة منذ عام 1948 على موازاة أي خصم عربي أو إيراني بالنازيّة لتسهيل تأليب الرأي العام الغربي ضدّه). أخطاء حزب البعث وجرائم النظام الصدامي باتت معروفة ولا داعيَ لتعدادها. لكن من المشكوك فيه أن يأتي ترتيب النظام السياسي الاحتلالي، الذي كان نوري المالكي جزءاً منه، أفضل من ترتيب حزب البعث. كانت هناك هويّة عربيّة جامعة في زمن ما قبل العراق ولم تكن الانشطارات الطائفيّة على ما هي عليه اليوم. لم يكن هناك إقليمٌ للموساد في شمال العراق كما هو اليوم. ولم تكن قرارات الدولة تُعرَض على رجال الدين في النجف. وضع التنمية والتقدّم في العراق في السبعينيّات كان أفضل بكثير من اليوم. طبعاً، مغامرات صدّام، بدءاً بغزو إيران ثم غزو الكويت، فتحت الطريق أمام الشهية الإمبراطوريّة الأميركيّة. لكنّ اجتثاث حزب البعث في الوقت الذي لا تزال هناك فيه قوات احتلال أميركي وعناصر موساد يبدو خارج سياق الزمن والمنطق.

0 تعليق

التعليقات