على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

عندما تحدّث نصرالله عن الاتجاه شرقاً نحو الصين، ثارت ثائرة ثوّار وإعلاميّي لبنان. صاح كل هؤلاء: ليس من خيار غير خيار حلف شمال الأطلسي (يسمّون الناتو في لبنان «المجتمع الدولي»). كل هؤلاء جعلوا من خيار الصين مزحة سمجة، وكالوا النّكات والهزل عن الموضوع. لكن عندما قرّرت السعوديّة أن تتجه نحو الصين وتقبل رعايتها لاتفاق (قد يكون مهماً) مع إيران، صاح ثوّار وإعلاميّو لبنان مرّة واحدة: يا للحكمة. يا للدهاء. يا للتحليل الاستراتيجي. ما هذه الرؤية الحكيمة للعلاقات الدوليّة؟ لقد استطاع محمد بن سلمان، بحسب هؤلاء، أن يثبت أنّ هناك مجالات لاختراق وحدانيّة السيطرة الأميركيّة العالمية على مقدّرات دول العالم النامي. في لبنان، نبذ الخيار الصيني بأي شكل من الأشكال دليل على أنّ أميركا تسيطر على لبنان أكثر بكثير مما تسيطر على السعودية. هناك هامش تتحرّك فيه السعوديّة بحكم قوّتها الاقتصاديّة، لكن لبنان بلد واقع تحت سيطرة كليّة للحكومة الأميركيّة. كل وزراء الخارجيّة (حتى المعيّنين من فريق 8 آذار) خاضعون بدرجة أو بأخرى للمشيئة الأميركيّة. طبعاً، لا يجب أن نبالغ في خيار الصين في لبنان، لأنّ الصين تستثمر سياسياً في السعوديّة ولا تكترث كثيراً للبنان. بالرغم من الحديث عن خيار صيني وروسي في لبنان، لم تتقدم الدولتان بأي مبادرة جدية لمساعدة لبنان. كل ما يرد عن خيار ومشاريع صينيّة وروسيّة ليس أكثر من أحاديث تويتريّة. الصين تتريّث قبل أن تتحدّى أميركا في العالم النامي، وهي لا تزال تكتفي بمبادرات تنمويّة. الصين لم تأخذ قرار تحدّي الخيارات السياسيّة الأميركيّة في العالم النامي. لا يصدر عن السفارة الصينيّة في لبنان، مثلاً، أي موقف يمكن أن يزعج السفارة الأميركية. هذا يسري أيضاً حتى على السفارة الروسيّة. وروسيا بالرغم مما يجري في أوكرانيا، لا تزال تبارك القصف الإسرائيلي في سوريا. ومحور الممانعة مهتم بفتح علاقات مع الصين أكثر مما تكترث الصين لذلك. أقامت إيران علاقات وطيدة مع الصين، لكن الحذر يطغى على السياسة الخارجية للصين، بالرغم من الاتفاق الاستراتيجي بين الصين وروسيا.

0 تعليق

التعليقات