على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

وصلتني من الصديق، الناشر والمؤرّخ بدر الحاج، وثيقة تاريخيّة من الأرشيف الفرنسي، وهي من محفوظات فريد شهاب (باتت أوراقه في عهدة كليّة سان أنتوني في جامعة أوكسفورد، وقد اعتنى بدر بنشر منتقيات منها). الوثيقة (وقد نشرتُ صورة عنها على مواقع التواصل) مُوجَّهة من الجنرال كاترو إلى وزير خارجيّة فرنسا وتاريخها في 12 نيسان 1943. الوثيقة يجب أن تُدرج في المنهج المُقرّر كي تطّلع الأجيال اللبنانيّة، الحالية واللاحقة، على التاريخ الحقيقي للبنان. هذا زمانكم الذي تصرّون على اعتباره جميلاً. يقول كاترو في الوثيقة إنّ بشارة الخوري زاره وتوسّل إليه أن يدعم ترشيحه لرئاسة الجمهوريّة. لم يكتفِ بذلك. قام بشارة الخوري بتقبيل يدَي كاترو ثم رمى نفسه تحت قدميْه. أكّد بطل الاستقلال لكاترو أنّه سيكون خادماً مخلصاً لفرنسا وأنّه مستعدّ أن يلتزم بالتوجيهات التي تُعطى له. من الواضح أن كاترو اشمأزّ من سلوك بطل استقلالنا (وله جادة وتماثيل في لبنان لتكريم تقبيل يدَي المستعمر ولرمي نفسه تحت قدميه). أقترح إعادة صبّ تماثيل بشارة الخوري في كل لبنان من أجل أن نظهره منحنياً يقبّل يدَيْ وقدمَيْ كاترو. هذا أفضل لكتابة دقيقة لتاريخ لبنان ومن أجل تصوير حقيقي، غير مزيّف، للتاريخ اللبناني. يقول كاترو إنّه رفض الطلب وكنّ احتقاراً لخنوعه. قال عن مؤسّس جمهوريّتنا الاستقلاليّة إنّه لا يفقه معنى الشرف. ويبدو أنّ الخوري كان يعتزم كتابة رسالة رسميّة إلى ديغول، ربّما ليعرض أن يقبّل يديْه وقدميْه، إمعاناً في تقديم الطاعة. يختم كاترو رسالته بالقول إنّ رجلاً مثل بشارة الخوري لا يملك أيّ شرف أو احترام للذات، إنّه بسبب ذلك لا يستحقّ أن يشغل منصباً رفيعاً. حكم كاترو أنّ رجلاً مثله مستعدّ ليفعل أيّ شيء من أجل مصلحته الشخصيّة. طبعاً، باقي القصّة معروفٌ. ظهر المستعمر البريطاني (البديل) والخوري على الأرجح قبّل يديْه ورمى نفسه تحت قدميْه عارضاً خدماته. في كتابه «حقائق لبنانيّة»، يقول إنّ فرقاطة فرنسيّة عرضت زيارة لبنان بعد الاستقلال عن فرنسا، وإنّه رفض المطالبة بمنع زيارتها. واجب الضيافة.

0 تعليق

التعليقات