على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

صحيح أنّ روسيا ظهرت أخيراً كقوّة غير معتبرة عسكريّاً، لكنّ انكشاف الضعف العسكري الروسي أمام هجمة الناتو الموحّدة سيضمن أنّ روسيا ستبني قوّة عسكريّة هائلة، كما كانت في زمن الاتحاد السوفياتي. ولا ننسى أنّ بناء القوّة العسكريّة ممكن في سنوات قليلة. بدأت القوّات السوفياتيّة الحرب العالمية الثانية غير ما انتهت عليه من كفاءة وفعّاليّة. ودرس الحرب العالميّة الأولى هو الذي حفّز ألمانيا على بناء ترسانة عسكريّة معتبرة. أميركا، بطريقة غير مباشرة، أفهمت روسيا (لأجيال تتخطّى مرحلة بوتين) أنّها تقود الحرب ضدّها وأنّها لن تترك أيّ دولة أوروبيّة من دون مساندة، أو مشاركة عسكريّة أميركيّة مباشرة، كما يجري اليوم. هل هناك من يصدّق أنّ جنرالات أوكرانيّين يقودون الحرب أو أنّ الممثل الكوميدي الأوكراني هو الذي يصدر الأوامر إلى قوّاته؟ بعد الحرب الوجيزة في جورجيا في عام 2008، أمر بوتين بإعادة بناء القوات الروسية، وكانت قناعة الخبراء العسكريّين الغربيّين أنّه حقّق نجاحات في تشكيل قوّات خاصّة، وجعل الجيش الروسي أكثر ليونة وقدرة على التدخّل السريع. لكنّ التدخّل الروسي في أوكرانيا كان محفوفاً بتردّد وضعف. كما أن بوتين لم يكن قد درس الغرب بما فيه الكفاية كي يُجري عمليّة «ربح وخسارة» ضروريّة في تقرير مبادرات السياسة الدوليّة والحروب. إن عدم خضوع قرار الغزو الأميركي للعراق لنقاش «الربح والخسارة» (لأنّ بوش كان عنيداً في جهله للعلاقات الدوليّة ولصنع القرار الاستراتيجي) هو المسؤول عن المفاجآت التي واجهت الإمبراطوريّة الأميركية، وأدّت إلى هزيمة مشروعها في العراق وفي أفغانستان معاً. ليس مؤكّداً كم ستستغرق عمليّة بناء القوّة العسكريّة الروسيّة، وليس معروفاً إن كان ذلك سيجري في عهد بوتين أم بعده. قد يؤدّي الأداء العسكري الروسي الرثّ في أوكرانيا، وخصوصاً إذا حدث تقهقر ما قريب، إلى استبدال بوتين بشخص آخر. أميركا من خلال سلوكها العدواني الأهوج ضمنت أن تصبح روسيا خطراً أكبر لها مما هو عليه الآن. تستطيع أميركا اليوم، من خلال إعلامها المُطيع، أن تسخر من القوة الروسية، لكنْ هل ستضحك في الختام؟

0 تعليق

التعليقات