وحده «زياد الرحباني» كان على حق:«كانْ غيرْ شكلْ الزيتونْ ...».
طبعاً، كان «غير شكل».
و«غيرْ شكل» كان العنبُ، والدموعُ، والأغاني، وتفّاحُ الخطايا.
كأنما الزمنُ صار غير نفسِهِ أيضاً:
لا الخضارُ لها طعمُ نفسها.
لا الهواءُ النيِّئُ له طعمُ نفسِه.

لا الفاكهةُ، ولا الضحكاتُ، ولا جرعةُ العرقِ، ولا النسمةُ، ولا تحيةُ العيد، ولا ورقةُ الهندباء النفيسة، ولا شهقاتُ خِرافِ الجنّةِ الـمُسَجّاةِ على مائدةِ العرس،
ولا صياحُ ديكِ بطرس قُبيل الفجر،
ولا مذاقُ «حبّاتِ بطاطا» فان كوخ الـمُنَكَّهةِ بدموعِ آكليها،
ولا الحنانُ، ولا اللهفةُ، ولا بحّةُ العتابِ،
ولا زفْرةُ مَن لا أملَ له
حين يَبتَلعُ غصّاتِ يأسِهِ ويقول: لا مهربَ من الوقوعِ في الأمل.
ولا الصداقةُ، ولا الحزنُ، ولا الندمُ، ولا مرارةُ الخيبةِ
ولا... ولا...؛
حتى ولا كلمة: «يا حبيبي!»
.. ..
حسبما أعلم:
نحن لم نقفز خلال هذه السنواتِ القاحلة
من أحضانِ القرنِ الخامس قبلَ الربّ
إلى القرن التاسع والعشرين بعد الهاوية.
أُنظروا، وانظروا!
لا الشيءُ له مذاقُ الشيء، ولا للكلمةِ مذاقُ الكلمةِ، ولا نَدهَةُ القلبِ لها مذاقُ شهقةِ القلبْ.
تُرى
أتكون هذه الكائناتُ الوديعةُ التي نتغذّى بِرحيقِها ولحمِها
تتغذّى هي الأخرى
على لحومِ أعدائنا وأشِقّائنا المذبوحين؟!...
..
يا ناس! يا أيها الناس عاثرو الحظّ!
هنيئاً لكم!
أنتم لا تأكلون إلاّ موتَكم وموتَ مَن تُحبّون.
فإذنْ، إنْ كنتم لا تزالون قادرين على الشفقة،
: أَعِيْدوا لنا الماضي!
19/6/2014