على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

فيروز تعيش بيننا. لا يهم ماذا تفعل، ولا يهم إذا كانت رفضت هذا العرض أو ذاك. المهم أنّ فيروز تعيش بيننا. هي تعيش بعيدة عنا وهذا من حقّها. أعطت لجمهورها فوق ما يستحق، وأعطت لبلدها ما لا يستحقّه من أغانٍ وتعظيم، وتستحق أن ترتاح أو أن تتقاعد لو تشاء. كان أفضل لو أنّ أولاد منصور لم يلاحقوها بدعاوى قانونيّة وأقاويل يسرّبونها لإعلاميّين. وكان أفضل لو أنّ فنانات عصر تركي آل الشيخ لم يُغنّين ـــ أو لم يُحاولن الغناء ــــ لفيروز. فيروز، كما قال عنها زياد في أفضل وصف لدورها، غنّت ولحّنت أغاني الرحباني. كلّ أغنية تغنّيها فيروز تحمل بصماتها هي. قارنوا حتى أغاني مصريّة غنتها، مثل «الحلوة دي»، حتى «جارة الوادي» لعبد الوهاب. الأغنية بصوت فيروز غير ما هي عليه بصوت عبد الوهاب. المهم أن فيروز بعدما أعطتنا مخزوناً هائلاً من الأغاني، قرّرت أن تبتعد عن الغناء العام. تستحق ذلك بعد عناء العقود وضغط الناس. تظنّ أنّك تعرف كلّ أغاني فيروز ثم تكتشف أنّ هناك أغاني لا تعرفها، أو أنّك نسيتَها. مرّت أمامي قبل أسابيع أغنية «يا قمر على دارتنا» ولم أذكرها. كيف لا نحب فيروز ونقدّرها ونعظّمها لما أضفته على حياتنا من جمال وروعة؟ استمعوا إلى هذه الأغنية وتستطيعون أن تحقّبوا صوت فيروز من غنائها (البزق من عزف عاصي في الموسيقى المُصاحِبة). كنتُ أسجّل أغاني فيروز في طفولتي، وأستيقظ في الصباح الباكر كي أسجّل من الإذاعة اللبنانيّة، وأحياناً كنتُ أسهر كي أسجّل مسرحيّات مثل «جبال الصوّان». أصبح عندي مجموعة كبيرة من أغاني فيروز. وذات يوم كنا نعود في الباص المدرسي من المشرف وجلس بقربي أستاذ الفرنسيّة (مسيو كامل). تحدّثنا عن فيروز وزهوتُ بمجموعة تسجيلاتي لها، فقال لي إنّ لديه مجموعة من أغانيها، وعندما ذكر عدد الكاسيتات صدمتُ وتوقّفتُ عن تسجيل أغاني فيروز بعد ذلك. أدركت أنّ المهمّة تحتاج إلى تفرّغ أكبر. بودّي أن اعتذر من فيروز لأنّها عاشت في زمن نقيضي ونقيضات فيروز.

0 تعليق

التعليقات