على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

أنا مثلكم أحلمُ بالقاضي البيطار. يحقُّ الحقّ ويردّ الباطل. يحقّقُ بصمت وسريّة ولا يتحدّث إلى الإعلام (باستثناء إعلام 14 آذار و«الشرق الأوسط» بانتظام ربّما لأنّ الجريدة تمثّل القضاء النزيه في السعودية). والقاضي البيطار، بعد كفّ يده، طلعَ بمخرج قانوني طريف: أن يقدّم مطالعة قانونيّة بنفسه لنفسه كي يستمرّ في التحقيق. (هذه مثل أحمد فتفت عندما حقَّق بنفسه في سلوكه في قبيحة ثكنة مرجعيون وبرّأ نفسه بنفسه ووجد في أدائه نموذجاً محتذى في مقاومة الاحتلالات الأجنبية بالشاي). واستأسد البيطار بعد زيارة وفد فرنسي له، لكن ما من علاقة. ووزارة الخارجية الأميركية تشيد به كما يشيد به عتاة صهاينة الكونغرس الأميركي. وكل الجمعيّات ووسائل الإعلام المُموَّلة من حكومات الخليج والغرب تناصر القاضي البيطار وتعتبره أمل الجماهير الشعبيّة. والمشكلة في قضيّة القاضي البيطار أنّه لا يمكن أن تجد نفسك في خانة الذين يستهدفهم مع علمكَ أنّه يستهدفهم لأسباب غير تلك التي تجعلك لا تتعاطف معهم. القاضي البيطار لا يختلف عن القاضي علي إبراهيم، إلا من حيث اختلاف الرعاية. لكنّ المشكلة هي القضاء برمّته وليس شخصاً بعينه. القضاء في لبنان لا يمثّل فقط زعماء لبنان، بل يمثّل السفارات (الغربيّة والخليجيّة على حد سواء ــــ القاضي سهيل عبّود يدردش بصورة شبه يوميّة مع جريدة محمد بن سلمان، تماماً مثل وزير الداخليّة أو فؤاد السنيورة). لا يمكن أن تتعاطف مع الذين يستهدفهم البيطار، لكن لا يمكن أيضاً أن تتعاطف مع الذين يحميهم البيطار، بإيعاز خارجي على الأرجح (مثل قيادة ومخابرات الجيش وغيرهم). لكنّ النخبة الإعلاميّة والثقافيّة المهيمِنة (والمتحالفة مع الغرب والخليج) تصرّ على مسار التحقيقات والسياسات وإن كانت لا تملك أكثرية نيابيّة. ملحم خلف وسينتيا زرازير يتصرّفان بثقة لا تبدر عن محمد رعد، صاحب أكثر عدد أصوات في الانتخابات النيابيّة. النخبة هذه تقرر بالنيابة عن الشعب اللبناني نتيجة التحقيقات والسياسة الدفاعية. وعندما اتهم قائد «جمّول» الياس عطالله الجنرالات الأربعة باغتيال الحريري، قال: إنّه الحدس الشعبي. بالفعل، إنّه الحدس، مرعيّاً من الخارج.

0 تعليق

التعليقات