على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

مرّت في الحياة السياسيّة العربيّة استقالات وبيانات هزّت النفوس والضمائر وأثارت حميّة الجماهير العربيّة. لا شكّ أنّ استقالة جمال عبد الناصر في عام 1967 لا تزال واحداً من أهم نصوص الأدب السياسي التي حرّكت ما يسمّيه إعلام الاستشراق الغربي بـ«الشارع العربي» (كأنّ الناس في الغرب لا يتظاهرون في الشوارع). الحدث الجديد الذي يمكّن وضعه في خانة استقالة عبد الناصر وبيان تأسيس الجمهوريّة العربيّة المتحدة هو بيان إعلان قرار النوم في المجلس من قبل النائب ملحم خلف. دبّج خلف بياناً يستحّق التأمل في نيّته النوم لتسريع عمليّة انتخاب رئيس. والطريف في حركات التغييريّين أنّكَ تكون متيقّناً أنّ استعراضاتهم ستُقابل بالسخرية والتقريع، لكنّ إعلام التمويل الخليجي والغربي يصرّ على رفع شأن نوّاب فازوا بعدد أصوات يماثل ما ناله محمد رعد في حارة من حارات النبطيّة أو في مبنى فيها. (والإصرار غير الديمقراطي على المساواة في عدد المسلمين والمسيحيّين في المجلس يسمح في بعض الدوائر بانتخاب نائب بمئات من الأصوات فقط). وخلف وجّه خطابه في الرسالة التاريخية إلى الشعب اللبناني و«الأمة جمعاء». وفذلكَ خلف نصّ بيانه بتعليلات على طريقة الصياغة القانونيّة. وفسّر خلف الدستور بطريقة تجعل من إمكانية الخلود إلى النوم خارج المجلس مستحيلة. وتوافد التغييريّون، بمن فيهم قائد التنظيم الساداتي الشعبي في صيدا، أسامة سعد، مع الكتائبيّين لمساندة حفلة النوم تلك. وكانت بولا يعقوبيان توافينا عبر محطات التمويل الخليجي والأميركي بتقارير حيّة أوردت فيها أنّ النواب ــ يا للهول ـــ ينامون في الظلام، مع أنّ الناس لا ينامون إلا في النور. حفلات الاستعراض من التغييريّين ستستمرّ لأنّ ليس بحوزتهم إلا حركات من هذا النوع للفت الأنظار وجلب انتباه الكاميرات، الخليجية والغربيّة بصورة أساسيّة. وذروة الديماغوجيّة تجلّت في حمل النائب فراس حمدان صور ضحايا المرفأ. ألا يكفي أنّ وسائل الإعلام المموَّلة من حكومات الغرب والخليج حوّلت «ضحايا المرفأ» (كلّهم من دون استثناء) إلى حزب سياسي له مواقف لا يجوز الاختلاف معها؟ وعندما اختلف أحدهم معهم خوّنوه لأنّه خرج عن إجماع سوروس.

0 تعليق

التعليقات