على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

ماتت صونيا بيروتي أوّل من أمس. الإعلام ليس كما كان وإلا كانت صورتها تحتلّ الأغلفة والشاشات. صونيا بيروتي من الرائدات في العمل الصحافي اللبناني والعربي، وليس في العمل الصحافي «النسائي». اختلق ذكور لبنان في الزمن «الجميل» مصطلحات مَقيتة مثل «الأدب النسائي» أو «الصحافة النسائيّة». عالم الرجال هو العالم الجدّي وعالم النساء هو عالم الترفيه، بنظر هؤلاء. دون ريغان، رئيس أركان البيت الأبيض في عهد رونالد ريغان قال مرّة: النساء لا يهتممن بالقضايا السياسية الكبرى مثل التسلّح بل يفضّلن التسوّق، وكانت امرأة في حينه تقود لجنة القوات المسلّحة في مجلس النوّاب. عملت صونيا بيروتي في عدد من صحف لبنان: «النهار» و«المحرّر» و«الأنوار». كما رأَست تحرير مجلّة «الحسناء». لم ترد أن تبقى «الحسناء» مجلّة «نسائيّة» (بالتعريف الذكوري)، فحاولت أن تغطّي قضايا تهمّ المرأة ولا تتعلّق بالموضة والتبرّج فقط. تمرّدت صونيا بيروتي على المهنة وعلى الأشكال والمظاهر التي فرضها الرجال على المرأة الصحافيّة. لبست كما أرادت وقصّت شعرها كما أرادت، وبهذا أبلغت من يهمّهم الأمر بأنّها ستمارس المهنة على طريقتها وليس على الطريقة التي يفرضها رؤساء التحرير والناشرون على المرأة العاملة في الصحافة. قابلتها قبل أكثر من 15 سنة في مكاتب جريدة «المستقبل». تولّت بيروتي قسم «المرأة» في الجريدة ونجحت في تحويله إلى أفضل قسم متعلّق بالمرأة في الصحافة العربيّة. واشتكت من أنّ الإدارة تريد تحويل قسم المرأة إلى عرض أزياء وتبرّج، لكنّها غطت قضايا تُعنى بالمرأة والنسويّة. أجروا معي للقسم مقابلة من حلقتيْن عن شؤون النسويّة (تحوّل القسم في ما بعد إلى صفحة «نسائيّة»). كانت بيروتي حزينة لأنّ الإعلام الجديد لم يفِها حقّها ولم يقدّر دورها. هي مسؤولة (أكثر من سيمون أسمر بكثير) عن نجاح أوّل برنامج منافسة مواهب في العالم العربي. هي كانت «استديو الفن». هل مَن يذكر اسم الرجل الذي كانوا يصرّون على أن يرافقها في تقديم البرنامج؟ لا نتذكّر إلا صونيا بيروتي التي عرفت كيف تقابل سياسيّين أو فنانين أو الناس العاديّين. صونيا بيروتي هي عكس مارسيل غانم.

0 تعليق

التعليقات