على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

حسين الحسيني عاش بين (وفي) زمنيْن: زمن كامل الأسعد وزمن نبيه برّي. خلفَ الأسعد في رئاسة المجلس إيذاناً بموت مرحلة قاتمة من تاريخ الزعامة الشيعيّة. تبرّمَ منه الأسعد بمجرّد وصوله إلى المجلس في عام 1972. كان قريباً جداً من موسى الصدر ورأى الأسعد في وجوده في المجلس إهانة لمحاولته احتكار التمثيل الشيعي ومحاربة حركة الصدر. قبل الحرب، أرسل الأسعد أتباعاً له وضربوا الحسيني. قربُه من الصدر أهّله كي يقود الحركة بعد عام 1978، لكن برّي كان أقرب للقاعدة الشعبيّة منه. مثله مثل سليم الحص، لم يمتلك قدرات الزعامة التي تتطلّب التواصل اليومي مع الناس. أدارَ مجلس النوّاب بنزاهة ومهنيّة لم يألفهما المجلس منذ عهد عادل عسيران في الخمسينيّات. كان وراء إنشاء مقرّ عين التينة لكن برّي فاز به. هناك محاولة لنعي الحسيني كقطب من 14 آذار، لكنّ الرجل كان قريباً جداً من النظام السوري وثبت في تحالفه معه. لم يعادِ حزب الله، لا بل تحالف معه في الانتخابات وأفرد الحزب له مقعداً. لم ينطق يوماً (علناً) ضد مقاومة إسرائيل. في فترة رئاسته لحركة «أمل»، تآلف مع محمد مهدي شمس الدين وعبد الأمير قبلان في ضخ منطق التحريض ضد المقاومة الفلسطينيّة في لبنان: اختلقوا نغمة أنّ منظمة التحرير كانت تريد التوطين في لبنان، ونعلم اليوم علم اليقين أنّ التهمة هذه كانت باطلة، مع كل مساوئ قيادة عرفات. لعب دوراً محورياً في الطائف لكنه احتفظ بالمحاضر والأسرار لنفسه، مع أنّها ــــ مثل مناقشات الدستور في عام 1926 ــــ ملكٌ للشعب اللبناني. ليس من أسرار، طبعاً: باعَ النواب واشتروا كما يفعلون في كل مفصل تاريخي، خصوصاً أنّ مجلس 1972 كان متخماً بالفاسدين. أزاحه نبيه بري من حركة «أمل» في لعبة سياسية لم يكن الحسيني لينافس برّي فيها. استقال من المجلس في عام 2008 من دون أيّ شرح. كان شديد الحرص على نيل ثقة وإعجاب المثقّفين اللبنانيّين. يُشهد له أنه حذَّرَ مبكراً من دور رفيق الحريري وأطلق عليه صفة «الشخص». «الشخص» لا يزال جاثماً.

0 تعليق

التعليقات