على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

لا تزال صورة عديّ التميمي في الأذهان. لم نرَ مثل هذا المشهد من قبل. رجلٌ يقاتلُ ويستمرّ في القتال حتى بعدما زرعوا في جسده ورأسه الرصاص. قاتل بعدما استحال شهيداً. هو الشهيد قبل أن يموت في المشهد الدرامي الوطني. عديّ التميمي هو في تضادّ مع المرحلة ورموزها: من أوسلو والهدنات والسلطة والتنسيق الأمني. هو في تضادّ مع الزمن. رأينا عديّ التميمي يقاتل ثم يموت أمام أنظارنا. ثم رأيناه يقوم بهدوء من الموت بعدما اكتشف أنّ ثمّة رصاصات في مسدّسه، فقام من الموت وأطلق ما بقي عنده من رصاص. خلافاً للأساطير الدينيّة، عديّ التميمي قامَ من الموت. حقاً، حقاً، قامَ. عديّ التميمي لخّص في ثوانٍ بطولات الشعب الفلسطيني ودحض أوهاماً تزرعها أنظمة النفط عن أهواء الشعب العربي. لقي عديّ التميمي من الاحتضان من قبل الشباب العربي ما لم يلقاه رجل منذ اكتشاف جيل عربي جديد لغسان كنفاني. سنسجّل أنّ مرحلة بدأت باستشهاد عديّ التميمي. اسمه تخلّدَ قبل أن يموت. سيُطلق اسمه على معالم وعلى عمليّات ستلي. أنعش عديّ بحياته وموته آمال محبطين وبؤساء. سيكبر أطفال في فلسطين وخارجها ويقولون لأهلهم: نريد أن نكون مثل عديّ التميمي. سيرسمونك بالطبشور يا عديّ، وأولاد المدارس سيهتفون باسمك. أصبح لأهلك بعد موتك الآلاف من الأطفال والأولاد. قبرك لم يعد ملك عائلتك بل أصبح ملكاً للأمّة. شريط الفيديو الذي يظهر قتال عديّ سيُدرج في الكليّات العسكريّة والمعاهد الدينيّة ــــ أو يجب. هناك شعور عند الشعب الفلسطيني بأنّ القطع مع مرحلة سابقة ومع رموزها على اختلافهم من ضرورات التحرّر الوطني. هو العودة بالقضيّة إلى الجذور، والعودة إلى الوطن بإصرار، بالنيابة عنه وعن كل شعبه. عديّ قام من موته ليطلق آخر رصاصاته، ويمكن له، وهو مُجترح البطولات والمعجزات، أن ينهض من جديد كي يُطلق آخر رصاصة ضد العدوّ.

0 تعليق

التعليقات