على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

غريب: هناك من يحتفل بذكرى «ثورة 17 تشرين» في لبنان. مَن يحتفل بالفشل؟ هذه كأن نقيم احتفالاً ونفتح زجاجات الشامبانيا (أو ماء الورد للورعين) احتفالاً بهزيمة 1967. لبنان بارع في خلق المسوخ: كل ما نستورده من أفكار نمسخه ونمعن في تشويهه. وأتت فرصة لأتباع السعودية والإمارات كي يزعموا أنّهم يقودون ثورة في لبنان: ثورة من أجل التصالح مع المصارف ومع إسرائيل (طبعاً لا أعني كل المحتجّين والكثير كان صادقاً). يكفي أن أمّ جبران باسيل نالت من الشتائم أكثر مما ناله رياض سلامة. هذا يعطيك لمحة عن الوجهة غير الثوريّة للثُّويْرة تلك (حتى الثُّويْرة كبيرة عليهم). هل جبران باسيل كان يستحق كل هذا الهجوم من دون أن يعترض أحد (غير ستة أشخاص) على فؤاد السنيورة، المهندس الشريك للانهيار والفساد؟ هل هي ثورة عندما يقف تمثال أبي النظام، رفيق الحريري، صامداً من دون أن يُذكَر اسمه في الاحتجاجات؟ ما هي هذه الثورة التي تنال رضى محطات الأثرياء الفاسدين المموَّلين من أميركا والإمارات؟ ما هي هذه الثورة التي تعظِّم وتبجّل الطاغية في الإمارات والسعوديّة؟ ما هي هذه الثورة التي لم تجد ضيراً في إملاءات سعوديّة متوالية على لبنان لإقصاء هذا الوزير وتعيين ذاك الوزير والترويج للصلح مع إسرائيل؟ ما هي هذه الثورة التي يمثّلها فريق من التغييريّين يجعلك (مجازياً) تحنّ إلى الفاسدين التقليديّين؟ ما هي هذه الثورة التي ترى أنّ التفلّت اللفظي السوقي هو ذروة الثوريّة وأنّ تعيير الآخرين بمصطلحات ذكوريّة وهوموفوبيّة هو ذروة الرقيّ والكول؟ لبنان ليس بلد ثورات. هو بلد تسويات فاسدة. من حظّنا أننا احتضنّا مقاومة فلسطينيّة ضخّ بعض عناصرها فكراً ثوريّاً في ربوعنا، فنهل منه بعضنا وتعلّم. لبنان خاضع بإرادة أكثر من نصفه لمشيئة إسرائيل وأميركا لكن تحت شعار: لا للاحتلال الإيراني. «المساطر» التي ولّدتها الثورة هي مسوخ عن زعماء لبنان ومن دون قواعد شعبيّة (الفوز بمئات الأصوات أو ثلاثة آلاف مع مال خليجي وفير لا يعني قاعدة شعبيّة).

0 تعليق

التعليقات