وردَ في جريدة «النهار» في صيف عام 1971 هذا الخبر: «أصدر المحقّق العسكري السيد نصري لحّود القرار الظنّي في قضيّة الضابط الإسرائيلي ابرهام اسحق بولاك المتهم باجتياز الحدود خلسةً إلى لبنان والتجسّس لمصلحة المخابرات الإسرائيليّة. وقضى القرار الظنّي بمنع المحاكمة عن ابراهام بولاك لعدم كفاية الدليل، وجرى تسليمه إلى الصليب الأحمر الدولي الذي سلّمه إلى السلطات الإسرائيليّة على الحدود». انتهى الخبر. لا للتخوين لكن ليس من المبالغة القول إنّ الدولة اللبنانيّة في كل سنوات ما قبل الحرب (حتى عهد أمين الجميّل) كانت دولة عميلة بالمعنى الدستوري والقانوني للكلمة. كانت دولة تنسّق وتتحالف مع الدولة المُصنّفة عدوّاً للبنان. في كل تلك السنوات، كانت الرئاسات المتعاقبة تتعاون مع إسرائيل في الشؤون العسكرية والأمنيّة، ولمصلحة إسرائيل دوماً. كانت إسرائيل تقول مثلاً إن هناك خليّة للمقاومة في مكان ما، وكانت قيادة الجيش تقول لها: نحن نقوم بالمهمّة ضدها، أو تعطي قيادة الجيش اللبناني الموافقة على عمل إرهابي إسرائيلي ضد لبنان. الخيانة الوطنيّة طالت كل رؤساء الجمهوريّة في تلك الحقبة. وثائق ويكيليكس أظهرت أن الأمر لم يتغيّر كثيراً: هناك فرقاء في لبنان (أكثر من نصف الممَثّلين في مجلس النواب اللبناني) يناصرون إسرائيل ضدّ أعدائها. لا للتخوين، لكن هناك وثيقة من حرب تمّوز وفيها يظهر أمين الجميّل وبيار الجميّل وكارلوس إده وفارس سعيد وجورج عدوان ونايلا معوّض ونسيب لحّود وبطرس حرب وهم يطلبون من إسرائيل تطويل حملة القصف الوحشي على الجنوب بمدّة أسبوع أو أسبوعيْن. هذه مشاركة في جرائم حرب. هؤلاء كان يجب محاكمتهم بتهم جرائم حرب. هؤلاء شركاء في إهدار دم أهل الجنوب. هؤلاء يجب إقصاؤهم من العمل السياسي بسبب ضلوعهم في مؤامرة تدمير لبنان من قبل طرف يقول الكلّ عنه ــ كذباً ونفاقاً ومدالسةً ــ إنه عدوّ. أميركا نجحت، منذ إنشاء الكيان، في إنقاذ وتهريب كل عملاء إسرائيل في لبنان وبمساعدة من الدولة. تهريب عامر الفاخوري كان قانونيّاً لأن رئيس الجمهورية والحكومة ومجلس النوّاب ورئيس المحكمة العسكريّة وقائد الجيش تواطؤوا. لا للتخوين.