على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

بوتين في حيرة من أمره: يتراجع أم يتقدّم؟ يعلم أنّ لا تنازل يُرضي الغرب إلا الاستسلام التام. لكنّه يراوح بين الحرب والتلويح بالسلاح النووي وبين إجراءات نصفيّة متردّدة. هو مثل إيران عندما تردّدت في الردّ على عدوان إسرائيل وأميركا عليها: كلّما تمنّعت، زاد عدوان الغرب وإسرائيل عليها. الردّ على اغتيال قاسم سليماني فتح شهيّة إسرائيل على المزيد من العدوان والتخريب في قلب طهران. بوتين يقرّ بأنّ الحرب هي حرب غربيّة ضدّ روسيا، وأنّ الأمر ليس في يد حكام أوكرانيا ــــ وهو على حقّ في ذلك. إنّها بالفعل حرب أميركيّة تشارك فيها كل دول الغرب الذي يبدو متراصّاً أكثر من سنوات الحرب الباردة حين كان هناك مجال للحياد (وإن كاذباً). فنلندا والسويد في معسكر الحماس للعدوان (مثل موقع ميغا ناتو عندنا في لبنان). كل يوم أخبار عن عقوبات جديدة وعن أسلحة جديدة يغدقها الغرب من دون رقيب على أوكرانيا (هل من يصدّق أنّ القيادة العسكريّة الأوكرانيّة هي التي تقود العمليّات العسكريّة؟)، لكن بوتين يتردّد حتى في تعريف أهداف الحرب. وهو يلوّح بالسلاح النووي في إشارة إلى سعة الحملة ضد بلاده، لكنه يكتفي بتجنيد محدود من كفاءات من غير الشباب. إذا كانت الحرب تضمّ كل دول الغرب ضدّ روسيا، أليس من حاجة إلى تعبئة شاملة وخطب يوميّة (على طريقة المهرّج الأوكراني الذي يلقي خطباً يكتبها له موظّفون في شركات علاقات عامّة في شارك «كي» في واشنطن)؟ أليس من حاجة إلى تغيير قواعد اللعبة لردع هذه المشاركة الأوروبيّة الشاملة في الحرب ضد بلدك؟ وبوتين المتردّد يعاني ــــ أو لا بدّ أن يعاني في وقت ما ــــ من بلبلة في صفّه. هناك نقد مسموع في روسيا من قبل مؤيّدي الحرب إزاء الأداء العسكري الروسي. صحيح أن العسكريّة الروسيّة أقلّ وحشيّة من العسكريّة الأميركيّة التي ألقت في ليلة واحدة على بغداد عام 2003 قذائف وصواريخ أكثر مما ألقت روسيا على أوكرانيا في أشهر، لكن الحرب أضعفت روسيا حتى الساعة، عسكرياً وإعلامياً.

0 تعليق

التعليقات