على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

تتوالى المراثي هنا. مات ميخائيل غورباتشوف. أقصى طموحه كان أن يكون زعيماً تابعاً للغرب، بأيّ طريقة. فشل في هذا كما فشل في كل ما قام به باستثناء إعلانات تجاريّة لبضائع غربيّة. هذا الرجل فكّك الاتحاد السوفياتي فيما ظنّ أنّه يصلحه. هنا درس بليغ لكلّ من يثق بنيات الغرب. كان غورباتشوف ينفّذ ما كانوا يأمرونه به، أمراً أمراً. تحدّى كل أعضاء المكتب السوفياتي للحزب الشيوعي الذي تصنّع في الانتماء إليه. لم يكفِ ما نفّذه من أوامر. طالبوه بالمزيد والمزيد إلى أن انقلب عليه رفاقه. أرادوا منه أن يكون مثل بوريس يلتسن قبل صعوده. ظنّ أنّه يمكن له الحفاظ على الإمبراطوريّة لكن بشروط أميركيّة. كيف تستقيم هذه وكيف يمكن أن تحترم أميركا وجود إمبراطوريّة أخرى ولو كانت مُطيعة لها؟ لم يقبلوا بغير التفكيك والانهيار الكامل. بقي صدّام حسين ينفّذ ما أملوه عليه من شروط، لكنّهم أبقوا الحصار وشدّدوه ثم عادوا ودمّروا العراق. القذّافي فعل الشيء نفسه: سلّمهم مفاتيح خزائنه العسكريّة: أتوا وشحنوها إلى متحف في ولاية أميركيّة. هذه نتائج الوثوق بالوعود والالتزامات الأميركيّة (هل تعلم إيران ذلك؟). كان غورباتشوف ينفّذ الأوامر وينتظر المكافآت. علم في ما بعد أنّ المكافأة تكمن في أنّهم لم يتآمروا ضدّه على الفور، وإن كانوا قد حضّروا خليفته المخمور. تفضّل أميركا مخموراً مهرّجاً مُطيعاً بالكامل على أيّ زعيم مهما كان كُفُؤاً. يلتسن كان أكثر طاعة من غورباتشوف، فانتفت الحاجة إلى الأخير. افتتح مركزاً وجمع الأموال وجال في الكرة الأرضية يلقي الخطب المملّة. حاول أن يترشّح لمنصب الرئاسة، فكان نصيبه مثل نصيب سلام فيّاض في بلاده (فياض العزيز على قلب توماس فريدمان وجورج بوش): أي 1% من أصوات المقترعين. مكروه من أهل بلده ومن كل شعوب العالم النامي المدين للاتحاد السوفياتي. لو كان مِن عالم آخر، أراه يهرع لإرضاء الأميركيّين هناك. أراه يحاول التقاط صور مع مسؤولين أميركيين سابقين. لينتظر كيسنجر: سيلحق به قريباً. يتسامران ــــ لو كان هناك عالم آخر. مُحال.

0 تعليق

التعليقات