على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

وثائقي «الجزيرة» عن جورج حبش لا علاقة له بجورج حبش. ماذا تتوقّع من محطة قطريّة تتحدّث عن رجل أراد إشعال الثورات في كلّ دول العالم العربي، خصوصاً في الخليج الذي كان في عُرف حبش «معقل الرجعيّة العربيّة». قصّة جورج حبش لم تُروَ بعد. لم يروها من كان قريباً من عقيدة «الحكيم». كلّفني الراحل رياض نجيب الريّس (باقتراح من فوّاز طرابلسي) بكتابة سيرة حبش. قصدته في دمشق وبحثتُ الأمر معه وشرحتُ له طريقتي وأسلوبي في كتابتها. قال لي إنّه يوافق لكنّه وعد زوجته بأن تتولّى هي أمر التكليف، وكان أن كلّفت قبل ذلك الصحافي الفرنسي جورج مالبرونو، وهو أبعد ما يكون عن عقيدة حبش وعن طريق تحرير فلسطين (مالبرونو معروف بقربه من الأجهزة الحاكمة في باريس وهو لا يعرف العربيّة). كيف يمكن أن يكتب سيرة حبش مَنْ هو غير ملمّ بشؤون الثورات العربيّة؟ حبش لم يكن راضياً ــــ كما أخبرني ــــ عن سيرة كتبها فؤاد مطر، عندما كان بوقاً لصدّام حسين (الذي كان يكنّ إعجاباً بحبش). سيرة «الجزيرة» تحدّثت إلى أشخاص لا ينتمون: مثل الأخضر الإبراهيمي قريب الصلة بالحكومة الأميركيّة وبأثرياء العرب والغرب. ماذا يمكن للإبراهيمي أن يعرف؟ لم تكن هناك إشارة إلى «جبهة الرفض» مثلاً وأنّ «طريق فلسطين تمرّ في كل العواصم العربيّة». حبش في سيرة «الجزيرة» بدا باهتاً وشخصيّته المميّزة لم تُنقل. مالبرونو نال قسطاً لا يستحقّه في السيرة ووصفه بـ «السجّان» في لحظة أيلول الأسود. سيرة حبش ليست سيرة كلّها انتصارات. هي قصّة عزيمة ومبدئيّة ونزاهة وثبات والتزام وتصميم وتفاعل جماهيري. جورج حبش هو المبدئيّة في بلاد كانت المبدئيّة فيها عملة نادرة بسبب هطول أموال النفط. لكنّ تجربة حبش والجبهة الشعبيّة تحتمل النقد والدراسة للاستفادة من أخطائها. الفراق بين حبش وحدّاد كان نتيجة ولاء الجبهة للاتحاد السوفياتي. كانت هذه بداية الاندحار. العصر الذهبي للجبهة كان في المرحلة الأولى من تاريخها، وبعدها تكلّست بفعل تمويل منظمة التحرير.

0 تعليق

التعليقات